هل ينجح العالم في إحالة “جرائم سوريا” للجنائية الدولية؟

تعتزم فرنسا طرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يطلب إحالة “جميع جرائم” الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن هذا الأمر من المرجح أن يصطدم بفيتو روسيا.

وأعلن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار أرو عن نية فرنسا هذه، في مؤتمر صحافي بعدما عرض على أعضاء مجلس الأمن الـ15 تقريرا يتضمن آلاف الصور عن معتقلين يبدو أنهم قضوا جوعا أو من شدة التعذيب داخل سجون النظام السوري.

وعقدت هذه الجلسة المغلقة بطلب من فرنسا، وهدفت بالدرجة الأولى إلى مناقشة “تقرير سيزر”، الذي بات الآن وثيقة رسمية من وثائق المجلس مزودة بـ55 ألف صورة.

وقال ارو إن اطلاع أعضاء المجلس على صور التقرير في حضور المندوب الروسي “أعقبه صمت مؤثر استمر دقائق عدة”.

4 وسائل لمعاقبة مجرمي الحرب في سوريا

ومن جهته، أوضح ديفيد كرين، المدعي العام السابق لمحكمة سيراليون وعضو لجنة الخبراء التي أعدت تقرير “سيزر” أن محاسبة مرتكبي جرائم الحرب بسوريا ممكن عبر 4 وسائل؛ الأولى هي إنشاء محكمة سورية وطنية، إلا أن هذا الأمر يصعب تحقيقه حاليا، والثانية هي إقامة محكمة إقليمية للجرائم المرتكبة في سوريا وهو خيار قد تشوبه الانحيازيات الإقليمية.

أما الاحتمال الثالث فهو تشكيل محكمة دولية وفقا لمعاهدة دولية، ويظل الاحتمال الرابع هو إحالة مجلس الأمن للحالة في سوريا برمتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي من المرجح أن يعيقه الفيتو الروسي. وفي هذا السياق شدد السفير الفرنسي على أن الخيار الرابع هو الأفضل، قائلاً: “نحن أنشأنا المحكمة الجنائية الدولية ونحن أعضاء فيها، وسيكون غريبا جدا أن نتخلى عنها من أجل خيار آخر”.

وتابع أرو: “سنحاول إقناع أصدقائنا الروس بأن الإحالة إلى الجنائية هو حل عادل.. وإن فشلنا سننظر في حلول أخرى”.

مواقف أعضاء مجلس الأمن من الإحالة

ومن أصل 15 دولة عضوا في مجلس الأمن ثمة 11 انضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية، وسبق أن أيدت العديد منها إحالة الملف السوري على هذه المحكمة، ومنها فرنسا وبريطانيا والأرجنتين وأستراليا وتشيلي وليتوانيا ولوكسمبورغ ونيجيريا وكوريا الجنوبية.

ورغم أن الولايات المتحدة لم تنضم إلى المحكمة، فقد التزمت تسهيل عملها، في حين ستمتنع رواندا في حال التصويت.

وكون دمشق لم توقع معاهدة المحكمة الجنائية فإن صدور قرار من مجلس الأمن هو أمر ملزم، الأمر غير المرجح في شكل كبير بالنظر إلى الحماية التي يحظى بها النظام السوري من روسيا والصين.

وتعتبر موسكو أن طلب تدخل المحكمة الجنائية سيأتي بنتائج مضادة في وقت تدمر دمشق ترسانتها الكيمياوية تدريجا.

ورأى دبلوماسيون غربيون أنه رغم أن الفيتو الروسي شبه مؤكد، فإن هذه المبادرة ستتيح تعزيز الضغط على النظام السوري وعزل موسكو داخل المجلس.

وفي حال اصطدم مشروع قرار الإحالة الفرنسي إلى الجنائية الدولية بالفيتو الروسي في مجلس الأمن، فلن يبقى أمام المجتمع الدولي سوى خيار إقامة محكمة خاصة بالجرائم المرتكبة في سوريا بناءً على معاهدة دولية.

من جهة أخرى, قُتل أمير جبهة النصرة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا على يد عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، ليل الثلاثاء الأربعاء، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال المرصد إن “4 مقاتلين من خلايا نائمة للدولة الإسلامية في منطقة حارم اقتحموا ليل أمس الثلاثاء إلى منزل في قرية رأس الحصن يسكنه أمير جبهة النصرة في محافظة إدلب أبومحمد الأنصاري”.

وأوضح أن المقاتلين قتلوا أبومحمد الأنصاري، وهو سوري الجنسية، إضافة إلى زوجته وطفلته، وشقيقه وطفلته، مشيراً إلى أن عناصر من النصرة لاحقوا الجناة واشتبكوا معهم، ما أدى إلى مقتل عنصر وقيام آخر بتفجير نفسه، في حين أُسر العنصران الباقيان.

وكانت القيادة العامة لتنظيم القاعدة أعلنت مطلع فبراير تبرّؤها من تنظيم داعش. وسبق لزعيم التنظيم أيمن الظواهري أن أكد أن جبهة النصرة هي ذراع القاعدة في سوريا.

ويخوض تنظيم داعش منذ مطلع يناير معارك عنيفة مع تشكيلات أخرى من المعارضة السورية المسلحة.

ووقفت جبهة النصرة إلى جانب مقاتلي المعارضة في بعض هذه المعارك التي أدت إلى مقتل قرابة 4000 شخص، وطُرد مقاتلي “داعش” من مناطق عدة في شمال سوريا لاسيما محافظة إدلب، إضافة إلى دير الزور في شرق البلاد.

___________________

(*) – هشام يحيى