التوتر السياسي والميداني في شرق اوكرانيا إلى أين؟

اعلنت الرئاسة الاوكرانية ان الرئيس الاوكراني الانتقالي اولكسندر تورتشينوف طلب من الامم المتحدة الاثنين تقديم مساعدتها “لعملية مكافحة الارهاب” في شرق اوكرانيا، في وقت سيطر متظاهرون موالون للروس الاثنين على مركز للشرطة في مدينة فورليفكا الواقعة في شرق اوكرانيا.

وقال المكتب الصحافي للرئاسة الاوكرانية ان تورتشينوف قال في اتصال هاتفي مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون “سنستقبل مساعدتكم للقيام بعملية مشتركة لمكافحة الارهاب في الشرق” حيث استولى موالون لروسيا على مبان عامة في عدة بلدات، مضيفاً ان “مهنيين ومراقبين يمكنهم بذلك الشهادة على شرعية اعمالنا”.

وقالت الرئاسة الاوكرانية ان بان كي مون اكد لتورتشينوف انه يمكنه الاعتماد على “الدعم الكامل” للامم المتحدة، مضيفاً ان بان قال “سافعل ما بوسعي لتتم تسوية الوضع بطريقة سلمية في اسرع وقت ممكن”.

وفي السياق، سيطر متظاهرون موالون للروس منذ حوالي اليومين على مركز للشرطة في مدينة فورليفكا الواقعة في شرق اوكرانيا الناطق بالروسية، في منطقة دونيتسك بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وهاجم مئات الاشخاص مقر الشرطة في البلدة التي يبلغ عدد سكانها حوالى 250 الف نسمة وهم يرشقون الحجارة ويضرمون النار في المكاتب، حسب الصحافي نفسه.

وحاول الشرطيون التصدي للمتظاهرين قبل التراجع امام تصميمهم.

واكدت حكومة كييف الموالية لاوروبا انها شنت الاحد “عملية لمكافحة الارهاب” ضد المتمردين الموالين لروسيا وبعضهم يحمل السلاح، الذين استولوا منذ ثلاثة ايام على مبان عامة في عدة مدن شرق البلاد. وافادت وكالة الصحافة الفرنسية انه لم تسجل الاثنين اي عمليات لاستعادة مدن في المنطقة.

بدوره،أكد الرئيس الاوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش أن “الشعب الاوكراني لن يقبل ابدا بسياسة الاملاء، خاصة من قبل القوميين”.واعتبر في مؤتمر صحافي أن “أوكرانيا قد وضعت قدمها في حرب أهلية”، داعيا أجهزة الأمن والعسكريين الى عدم إطاعة “الأوامر الإجرامية” للسلطات الحالية في كييف وعدم اطلاق النار على الشعب.

وأعلن مخاطبا قوى الأمن: “اريد كقائد عام أن اتوجه الى وزارة الداخلية ومجلس الأمن الأوكراني: لا تنفذوا الأوامر الإجرامية، لا تطلقوا النار على الشعب، اذ لن تُسامحوا على ذلك”، لافتا الى أن سلطات كييف الحالية “ستتحمل المسؤولية الجنائية” عن هذه الأوامر.

ولفت يانوكوفيتش الى “أهمية الحوار الشامل وليس الإنتخابات المبكرة” بالنسبة لاوكرانيا حاليا. كما شدد على أن “الولايات المتحدة تتحمل جزء من المسؤولية عن اندلاع حرب أهلية، اذ انها تتدخل بشكل صارخ في ما يحدث، وتملي ما يجب القيام به”.

ونوه بأن أجهزة الأمن الأوكرانية قررت إجراء عملية شرق أوكرانيا بعد اللقاء مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وان الولايات المتحدة متورطة بشكل مباشر بالاحداث الاوكرانية، عاملة عبر اقنيتها الدبلوماسية بالاضافة الى الاستخبارات.

وقال يانوكوفيتش ان “مدير الـCIA برينان اعطى عمليا الاذن باستخدام السلاح وشجع على اراقة الدماء في اوكرانيا”. كما لفت الى ان “اوكرانيا سائرة لا محالة الى الإفلاس”.

من جهته، الب الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالضغط على المجموعات المسلحة شرقي أوكرانيا كي تسلم سلاحها، بينما قال بوتين إن التقارير عن تدخل روسي في أوكرانيا غير صحيحة.في هذه الأثناء اتفق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل على توسيع قائمة العقوبات المفروضة على أوكرانيين وروس لدورهم في الأزمة الأوكرانية الراهنة.وأبلغ أوباما بوتين في اتصال هاتفي الاثنين “بقلقه البالغ” مما تقوم به روسيا في أوكرانيا، وطالبه بالضغط على المجموعات الانفصالية المسلحة الموالية لموسكو شرقي أوكرانيا من أجل إلقاء سلاحها وإخلاء المباني التي تسيطر عليها.وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس أوباما حذر نظيره الروسي من أن موسكو ستواجه تكلفة متزايدة إذا أصرت على مواصلة تصرفاتها في أوكرانيا.

وأوضح البيان أن أوباما ذكر بوتين بأهمية أن تسحب روسيا قواتها من الحدود مع أوكرانيا بهدف تخفيف حدة التوتر، مشيدا في الوقت نفسه بما اعتبره ضبطا للنفس ملفتا من قبل الحكومة الأوكرانية.وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن الرئيس أوباما أوضح خلال المكالمة الهاتفية أن المسار الدبلوماسي مفتوح، وهو السبيل الذي تفضله الولايات المتحدة، لكن أفعال روسيا لا تنسجم مع هذا الخيار، بحسب تعبيره.

أما بوتين فدعا أوباما إلى استخدام نفوذ واشنطن لمنع استخدام القوة وإراقة الدماء في أوكرانيا، وأكد أن الاحتجاجات في مدن بجنوب أوكرانيا وشرقها ناتجة عن عدم رغبة قيادة كييف في وضع مصالح السكان الناطقين بالروسية في اعتبارها.وقال “ينبغي أن ينصب تركيز السلطات في كييف على إشراك جميع المناطق والقوى السياسية بأوكرانيا في صياغة دستور جديد للبلاد”.واعتبر الرئيس الروسي الاتهامات الموجهة لموسكو بالتدخل في شرق أوكرانيا لا تعدو كونها تكهنات تستند إلى معلومات لا أساس لها.

وأشار ديمتري بيسكوف السكرتير الصحفي لبوتين إلى أن الرجلين اتفقا خلال الاتصال على مواصلة السعي بالوسائل الدبلوماسية لمعالجة الوضع في أوكرانيا قبل اجتماع  جنيف يوم الخميس المقبل.

يأتي ذلك بينما اتفق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الاثنين على توسيع قائمة العقوبات المفروضة على أوكرانيين وروس لدورهم في الأزمة الأوكرانية الراهنة.وشدد الوزراء على “الأهمية الحاسمة” للاجتماع المقرر الخميس المقبل في جنيف بسويسرا بين الأوكرانيين والروس والأميركيين والأوروبيين.

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون “إن حوارا مفيدا بين روسيا وأوكرانيا أمر حيوي”.من جانبه صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنه إذا لم يسفر اجتماع الخميس عن النتيجة المرجوة فإن قمة طارئة لرؤساء الدول والحكومات في الاتحاد ستعقد الأسبوع المقبل في بروكسل.وقد يقرر الأوروبيون في حال فشل اجتماع جنيف المرتقب الانتقال إلى المرحلة الثالثة من العقوبات، أي عقوبات اقتصادية بحق روسيا.

وكان الرئيس الأوكراني المؤقت أولكسندر تورتشينوف طالب في وقت سابق الاثنين بنشر قوات حفظ سلام أممية بشرق البلاد في ظل استمرار تقدم الموالين لروسيا وسيطرتهم على عدد من المباني غير مبالين بتهديدات سلطات كييف بشن عملية عسكرية ضدهم.

ويحتاج نشر قوات حفظ سلام أممية إلى قرار من مجلس الأمن، ومن المتوقع أن تستعمل روسيا حق النقض (فيتو) إذا عرض مشروع قرار بهذا الصدد على المجلس.

من جانبه أعلن الرئيس الأوكراني الانتقالي أن الجيش على وشك البدء في عملية لمكافحة “الإرهاب” شرقي البلاد. وتزامنت تصريحات تورتشينوف مع انتهاء المهلة التي منحتها الحكومة للمحتجين الموالين لروسيا لتسليم سلاحهم وإنهاء سيطرتهم على المباني الرسمية في عدة مدن.

ولم يُبد المحتجون -الذين تصفهم كييف بالانفصاليين- أي استجابة حتى الآن، وقالت مراسلة الجزيرة رانيا دريدي إن المسلحين غير مكترثين لتهديدات كييف، وأشارت إلى أن السلطات الأوكرانية لم تقم بأي تحرك في اتجاه استعادة السيطرة على المباني التي استولى عليها المسلحون.ومضى المسلحون في التقدم باتجاه مواقع جديدة في مدن شرق البلاد، وهاجموا أمس الاثنين مركزا للشرطة في مدينة هورليفكا، كما سيطر آخرون على مطار محلي في مدينة سلافيانسك بمقاطعة دونتيسك.

__________________

(*) – هشام يحيى