من هو الرئيس القوي؟

رامي الريس

بمعزل عن الاحتفاليّة السنويّة لذكرى إندلاع الحرب اللبنانيّة في الثالث عشر من نيسان من كل عام والتي قد يكون بعضها إتخذ الطابع الفولكلوري رغم رمزيته ودلالته وأهميته التي من الضروري الحفاظ عليها لانعاش الذاكرة، ولكن أغلب الظن أن المواطن اللبناني يتساءل: هل فعلاً تجاوزنا كلبنانيين الأسباب الحقيقيّة لانفجار الحرب الأهليّة سنة 1975؟ وهل تعلمنا الدروس والعبر من تلك التجربة الأليمة التي أدّت إلى سقوط ما يزيد عن 150 ألف قتيل وتدمير البلاد من أقصاها إلى أٌقصاها؟

الشعب اللبناني بأغلبيته الساحقة سيجيب بالنفي عن هذين السؤالين المركزيين لا سيّما أن التجاذب الذي تخوضه معظم مكونات المجتمع السياسي لا يزال مستمراً بحيث تتناغم سقوف الخطابات السياسيّة مع الاشارات الاقليميّة صعوداً وهبوطاً. والأرجح أن اللبنانيين لم ينسوا حتى اللحظة إنتظارهم ما يزيد عن أحد عشر شهراً لولادة الحكومة الحاليّة برئاسة الرئيس تمام سلام بعد أن تعثرت طويلاً بسبب المطالب التعجيزيّة لفريقي الثامن والرابع عشر من آذار والتي إنتهت بتراجع كليهما مما أدى إلى صعود الدخان الأبيض.

إلا أن اللبنانيين لم ينسوا الدخان الأسود الذي تصاعد فيما بينهم أثناء الحرب الأهليّة التي إنتهت بتسوية الطائف برعاية عربية- إقليميّة- دوليّة. أما الحرب العابرة التي حصلت في السابع من أيّار 2008، فتوقفت كذلك بتسوية الدوحة وأيضاً برعاية عربيّة- إقليميّة- دوليّة.

إذن، لا مفر من التسوية. بقدر ما يقترب اللبنانيون من منطق التسوية بقدر ما يقتربون من الاستقرار، وبقدر ما يبتعدون عنه يبتعدون عن الاستقرار. المعادلة أصبحت واضحة، لا أحد يستطيع أن يلغي أحداً في لبنان، فلماذا لا نحوّل التوازن السلبي فيما بيننا إلى تعادل إيجابي؟

أمامنا بعد أيّام وأسابيع معدودة إستحقاق وطني ودستوري هام هو الانتخابات الرئاسيّة، وفرصة توسيع هامش المشاركة اللبنانيّة في هذا الاستحقاق تبدو الأكثر إرتفاعاً قياساً إلى الانتخابات الرئاسيّة منذ الاستقلال سنة 1943.

مع تغليب منطق التسوية الرئاسيّة، كما حصل في التسوية الحكوميّة، نغلّب منطق الاستقرار، ومع الانحراف عن منطق التسوية الرئاسيّة سنغلب منطق الانقسام بين اللبنانيين. الرئيس القوي هو رئيس التسوية الذي يحصد أكبر قدر ممكن من التوافق وليس رئيس الفريق على حساب الفريق الآخر!

 —————————————

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!