مشايخ الدروز ينتفضون في السويداء

تشهد مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، جنوب سوريا، حالة احتقان وسط أنباء عن تصعيد متبادل بين السكان والنظام، وذلك بعد إجبار عناصر الأمن السوري امرأة ترتدي الزي الديني الدرزي على رفع صورة الرئيس السوري بشار الأسد، ما عده مشايخ الطائفة إهانة لمعتقداتهم، تزامنا مع تزايد المعتقلين الدروز الذين يقتلون في سجون النظام السوري.

وأفاد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أمس أن هناك تصعيدا كبيرا وغليانا في السويداء: «وعصابات الأسد تتراجع وتحاول منع انفجار كبير» هناك. مع تلميحات إلى تلقي المدينة تهديدات من قوات النظام بقصفها، نظرا لاعتصام عدد كبير من أبناء المدينة، التي ظلت هادئة إلى حد بعيد منذ نشب الحراك الثوري ضد النظام قبل ثلاثة أعوام. وأفادت تنسيقية محافظة السويداء المعارضة أن «عددا من المشايخ أجبروا دورية تابعة للأمن على الانسحاب من ساحة المحافظة على خلفية قيامهم بـ(توظيف) الزي الديني الدرزي ضمن الحملة الانتخابية لبشار الأسد؛ عبر جلب امرأة من قرية (قنوات) المجاورة وإجبارها على حمل صورة الأسد في ساحة المحافظة حيث يقع أحد مراكز الحملة الانتخابية للأسد، بعد إلبإسها الزي الدرزي».

وسارع جهاز الأمن العسكري في السويداء، الذي يرأسه العميد وفيق الناصر، بالرد على تدخل المشايخ في هذه الحادثة، فاعتقل الشيخ لورانس سلام وأخاه اللذين كانا على رأس المشايخ الذين طردوا دورية الأمن، ما أدّى إلى حالة من الغضب في الأوساط الدينية الدرزية ودفع عدد من المشايخ إلى إعلان اعتصامهم أمام مقرهم الديني لحين الإفراج عن الشيخين.

ورغم أن النظام السوري استجاب لطلب المشايخ وأطلق سراح سلام وشقيقه، لكن ذلك لم يخفف من حالة التوتر التي تسود المدينة في هذين اليومين، وتمثّلت أيضا بتنفيذ اعتصام أمام مبنى الأمن للمطالبة بإطلاق سراح أحد المحامين الذي اعتقل أمس، وفق ما أكّد مصدر في السويداء لـ«الشرق الأوسط».

وفي هذا السياق، يشير عضو الائتلاف الوطني المعارض جبر الشوفي، الذي يتحدر من أصول درزية، إلى أن «مشايخ الطائفة ليسوا على استعداد لمواجهة النظام، لكن حين يتعلق الأمر بإهانة المعتقدات الدينية في أحد مراكز ترشح الأسد، فإن ردود الفعل ستكون قاسية كما حصل في ساحة المحافظة».

وأوضح الشوفي لـ«الشرق الأوسط» أن «مشايخ الدروز يضمرون رفضا لترشح الرئيس السوري، وما قاموا به يعدّ إشارة مهمة في هذا السياق»، ولفت إلى أن «النظام تمكن هذه المرة من امتصاص الغضب الدرزي، لكن في حال جرّب مرة أخرى الضرب على العصب الطائفي؛ فإن الأمور ستتطور نحو مواجهة واسعة».

وسعى الدروز منذ بداية النزاع في سوريا إلى اتخاذ موقف محايد، فبقيت مناطقهم تحت سيطرة النظام السوري، لكنهم في الوقت نفسه لم ينخرطوا في أي معارك عسكرية للدفاع عنه. وسبق لدروز السويداء أن انخرطوا في صراع عسكري عنيف ضد النظام السوري عام 2000. بعد أشهر على وصول الأسد (الابن) إلى السلطة، على خلفية توترات طائفية وقعت بينهم وبين جماعات من البدو المتحالفين مع النظام.

وتتصاعد مشاعر العداء للنظام السوري بين سكان السويداء بسبب ممارسات العميد وفيق ناصر، رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء، بسبب استفزازه للأهالي، الذي وصل إلى حد قيامه بإصدار الأوامر لمصادرة منزل الإعلامي المعروف فيصل القاسم في بلدة «قنوات» وتحويله إلى مقر لما يسمى «جيش الدفاع الوطني».

يضاف إلى ذلك، فإن المدينة التي يقطنها نحو نصف مليون نسمة، معظمهم من الموحدين الدروز، تستقبل بشكل دائم جثث شبان معارضين قتلوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري. وقد نشر ناشطون قبل أيام أسماء 17 معتقلا من الطائفة الدرزية قتلوا تحت التعذيب تعود أصولهم إلى السويداء ومدينة جرمانا في ريف دمشق والتي تسكنها أغلبية درزية.

ومن أبرز هؤلاء المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب شادي أبو رسلان الذي اعتقلته القوات النظامية على طريق بيروت – دمشق بعد اجتيازه الحدود بسبب وجود صورة علم الثورة على هاتفه الشخصي، وبعد مرور عشرين يوما جرى إرسال جثته إلى ذويه في السويداء. كما لفت ناشطون إلى مقتل الدكتور رافع بريك تحت التعذيب في سجون النظام وهو من مدينة القريا بريف السويداء. ولم تتوقف ظاهرة قتل المعارضين الدروز تحت التعذيب في سجون النظام على الناشطين والمعارضين السياسيين، وإنما شملت أيضا المنشقين العسكريين. فقد قتل المجند طارق حمد قماش من قرية الغارية في السويداء تحت التعذيب، أواخر العام الماضي، وكانت قوات الأمن العسكري في السويداء قد اعتقلته بعد فراره من خدمة العلم رفضا لممارسات الجيش النظامي.

—————————–

(* ) الشرق الاوسط