السفير المصري في حديث خاص لـ “اﻷنباء”: ﻻنتخاب رئيس لبناني توافقي قوي في المهل الدستورية

رأى السفير المصري في لبنان أشرف حمدي إن الأسباب التي وقعت للأسف في آسوان هي في حقيقتها تاريخية إلى حد كبير منها، وهي نتيحة خلاف ما بين قبيلتين هما  بني “هلال”  و”النوبية” والتي لديهما تواجد كبير تاريخي في هذه المنطقة والخلافات بدأت ما بين طلاب مدارس ومعاكسات وتطورت لاحقا إلى اشتباكات بين طلاب بعض المدارس تلاها كتابات مسيئة على جدران إحداى المدارس وتطور الأمر ما  بعد ذلك إلى تلاسن بين أهالي هؤلاء الطلبة ولاحقا تم لأول مرة وقوع اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة على نطاق كبير.

وقال في حديث خاص لجريدة “الأنباء” الإلكترونية  بأن الظاهرة الجديدة والغريبة هو أن أهل النوبة الذين هم  من أشهر القبائل ذات الطبائع الجميلة قد استخدموا السلاح وهذا ما يدل ويشكل دليل للأسف الشديد عن مدى انتشار السلاح وهو السلاح الذي دخل مصر عبر الحدود الليبية. وبالرغم من سقوط عدد من القتلى والجرحى وبالرغم من إلا إنه الحمدالله تم احتواء الفتنة بعد تدخل الدولة على خط حل الأزمة وهذا ما ساهم بعودة الاستقرار والأمان للشارع الأسواني وسيادة القانون والعدالة الناجزة والامور تسير باتجاه توفير الظروف الملائمة لإجراء المصالحة بين القبيلتين المتنازعتين بمدينة أسوان .

احداث سيناء

واضاف اما في سيناء فإن الأزمة هناك ليست وليدة اللحظة، وأظن بأن الأزمة لا يمكن حلها فقط بالمعالجة الأمنية حصراً، وهناك حاجة للجم الإرهاب المتفاوت في منطقة سيناء والذي يجب معالجته من عدة جوانب إلى جانب المعالجة الأمنية الحالية بحيث أنه لا بد أيضاً من معالجات فكرية وإنمائية وثقافية أي أنه لا بد من مراعاة البعد التنموي وإيجاد فرص عمل وبدائل اقتصادية كافية وتطوير نظم التعليم والعلم. طبعا إلى جانب معالجة القضايا الإقتصادية والإجتماعية هناك أيضاً اجراءات الأمن التي كانت في وقت من الأوقات رخوة في ظل التجارة التي كانت سائدة على الحدود الشرقية مع غزة والتي كانت مزدهرة جدا ما شجع أي شخص على الإنخراط فيها وهناك من استخدم مسألة محاولة التخفيف من الحصار الإقتصادي على قطاع غزة من خلال ادخال الممنوعات وعمليات الإتجار بالبشر وبالمخدرات عبر الأنفاق.

ومما لا شك فيه بعد أن تم إغلاق بعض هذه الأنفاق الأمر الذي تسبب بالضرر إلى عدد كبير من الناس خصوصا أن هذا الأمر تم من دون تأمين فرص اقتصادية أخرى لهم وهذا الأمر طبعاً صعب من مهمة المعالجة الأمنية للأسف. وهناك خلل آخر يضاف إلى ذلك، بأنه في فترة من الفترات تم لجوء عدد من العناصر المطلوبة المصرية والأجنبية إلى شبه جزيرة سيناء وذلك بسبب الطبيعة الجغرافية في المنطقة المجاورة لقطاع غزة وهي طبيعة جبلية من الصعب التحكم بها بشكل كبير أو السيطرة عليها بشكل كامل خصوصا أن هناك جبال مرتفعة ومغارات في الجبل حيث من السهل الإختباء فيها ولا يعرف جيدا الطرق ومسالكها الوعرة سوى أهل سيناء. لذلك إن عملية المعالجة الأمنية يمكن أن تأخذ  بعص الوقت إلا إنها بالتأكيد هي تسير بالإتجاه الصحيح للقضاء على بؤر الإرهاب، وأتوقع أن تواكب تلك المعالجة الأمنية بمعالجة اقتصادية واجتماعية شاملة وبعد تنموي متكامل في تلك المنطقة.

المظاهرات والأحداث الأمنية

وعلى صعيد ما يجري من مظاهرات وأحداث الأمنية تقع في بعض الأنحاء في مصر، أشار بأن هذا الأمر يكمن في أن هناك بعض المجموعات ترى أن التغيير والإصلاح في مصر لا يمكن أن يتم إلا من خلالها. وهنا، لا بد من الإشارة بأن هناك معالجات لهذه القضايا تسير بشكل جيد لمعالجة هذا الوضع الذي يتراجع تدريجيا بشكل نسبي، إنما كل تراجع في حدة هذه الأحداث لا بد أن يقابله مزيد من الخطوات الحكومية التي من شأنها أن تعزز الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للمواطنين في مصر على مختلف الصعد. وطبعا هناك عامل إقليمي مؤثر جدا على ما يجري في مصر خصوصا على صعيد عدم وجود دولة قوية حاليا في ليبيا حيث تملأ الجماعات المسلحة والمتطرفة والإرهابية الساحة الليبية وهذا الأمر يساعد على خلق أوضاع مساعدة تمدد جماعات العنف والتطرف والإرهاب بإتجاه مصر هذا بالإضافة إلى مسألة إدخال وتفشي ظاهرة انشار الأسلحة القادمة من ليبيا إلى مصر. وأشار بان هناك نظرية المؤامرة بحيث أن الأوضاع الأخيرة في مصر فتحت باب كبير أمام جماعات العنف في العالم بأن تركز اهتمامها لممارسة بعض الأعمال الإرهابية في مصر وذلك في سياق محاولة تلك الجماعات أن يكون لها حضور مؤثر في مصر نظرا لأهمية مصر ودورها في المعادلة الإقليمية والدولية. إنما هذا كله لا ينفي أن جزءا من الأحداث الجارية في مصر هو جزء داخلي نتيجة الإهمال والتقصير في الأداء الحكومي خلال الفترات السابقة وطبعا أتمنى أن هذا الأمر سيتم معالجته في المرحلة القادمة.

واضاف بانه في مصر ليس هناك اقصاء لأحد، لكن هناك شروط ومعايير لابد لأي تيار أو حزب سياسي أن يلتزم فيها للإنخراط بالعملية السياسية، وهذا الأمر يبدأ بأن يكون هذا الحزب او هذا التيار مقتنع بأن هناك عملية سياسية يرتب الإنخراط بها أوضاع عليه  منها في الأساس عدم اللجوء للعنف والإعتراف بالشرعية التي تم التوافق عليها بعد مظاهرات 30 يونيو 2013 وهذه الشرعية التي تم التوافق عليها يعبر عنها حاليا الدستور المصري.

وفي هذا الإطار، لا يزال المجال مفتوحا أمام جميع التيارات السياسية بما فيها الإسلامية ومن ضمنهم الإخوان كي تنخرض قي العملية السياسية بشرط الإلتزام بنبذ العنف والإلتزام بما تم التوافق عليه من كافة أطياف الشعب المصري الذي ثورة 30 يونيو نتيجة لرفض بعض الأمور الذي كان تيار الإخوان المسلمين يحاول أن يفرضها بهدف إلغاء بقية الأطياف السياسية في مصر.

الإنتخابات الرئاسية المصرية

من ناحية اخرى، أكد بأن التحضيرات والترتيبات جارية لتوفير كل المستلزمات المطلوبة لمشاركة جميع المصريين داخل مصر وخارجها بهذا الإستحقاق الذي سيجري في المواعيد المحددة يومي ٢٦ و ٢٧ مايو ٢٠١٤، مضيفا بأن الإنتخاب سيكون من خلال استخدام بطاقة الرقم القومي أو جواز السفر الممكنن، وبأن التصويت يبدأ في الخارج يوم ١٥ مايو ٢٠١٤ ويستمر حتى ١٨ مايو ٢٠١٤، وفي حالة الإعادة يكون التصويت بها من ٦ يونيو ٢٠١٤ وحتى ٩ يونيو ٢٠١٤، مؤكدا بأن هذه الإنتخابات ستتم بأعلى معايير النزاهة حيث أن لجنة الانتخابات الرئاسية بجمهورية مصر العربية لعام ٢٠١٤ دعت كافة منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية والدولية إلى متابعة العملية الانتخابية بكافة مراحلها للتأكد من صحة نزاهتها وعدالتها.

وفيما يخص حظوظ المرشحين للوصول إلى الرئاسة في مصر، قال لم يقفل حتى الآن باب الترشح ومن السابق لآوانه أن نتوقع فوز أحد من المرشحين إلى الرئاسة المصرية، وليس صحيحا بأن حظوظ الوصول للرئاسة هي فقط متوفرة للمرشح المشير عبد الفتاح السيسي الذي هناك طبعا تعاطف شعبي كبير معه إلا أن ذلك لا يعني بأن الأمور باتت محسومة لمصلحته، فهناك سواه من المرشحين ممن لديهم حظوظا كبيرة منهم على سبيل المثال المرشح حمدين صباحي الذي نال أكثر من 4 ملايين صوت في الإنتخابات السابقة حيث حل فيها في المرتبة الثالثة، لذلك ليس هناك شيء محسوم وهذا الأمر لا بد أن يترك لصندوق الإقتراع وحرية الناخبين ليقرروا ويختاروا من سيكون الرئيس الجديد للشعب المصري.

العلاقة مع روسيا

ولدى سؤاله عن طبيعة وأبعاد زيارة وزير الخارجية ووزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي إلى روسيا، قال بأن مصر لا تسعى أبدا إلى استبدال حليف بحليف بل هي تسعى إلى توسيع مروحة اتصالاتها الدولية ومع كل الاطراف المؤثرة في المعادلاة الدولية، ومما لا شك فيها أن هناك تقارب مصري روسي، لكن هذا لا يعني أن مصر تحاول استبدال حلي بآخر أو تلعب بلعبة تغيير المعادلة الدولية بل ما تحاول مصر أن تحققه مرتبط بنتيجة أوضاعها.

واشار بأن مصر لديها أربع أزمات سياسية هي نقص الموارد وعدد السكان وتزايد البطالة وتحديات تراجع النمو، لذلك هناك حاجة لتطوير ونمو الإقتصاد المصري لتخفيض نسب البطالة التي هي الخطر الأكبر الموجود في مصر، لذلك أن العمل على نمو وانتعاش الإقتصاد المصري لا يكن أن يتحقق إلا من خلال الإنفتاح على العالم الذي حاليا الثقل الأكبر فيه يميل بين المحور الأطلسي والمحور الشرق أسيوي، وكذلك روسيا لديها دور يتزايد كدولة عظمى على الساحة الدولية. وبالتالي لا يمكن للفكر السياسي المصري ان ينأى بنفسه عن التعاون مع الجانب الروسي، وهذا الأمر لا يحول بأن مصر مهتمة بتطوير علاقاتها الدولية مع سائر القوى والأطراف الفاعلة والمؤثرة على الساحة الدولية.

لبنان والإستحقاق الرئاسي

ولدى سؤاله على الإستحقاق الرئاسي في لبنان، قال ان الموقف المصري فيما يتعلق بالإنتخابات الرئاسية في لبنان قد أعلنها وزير الخارجية المصري عند زيارته للبنان في كافة لقاءات ته مع المسؤولين اللبنانيين، حيث أكد بان هناك حاجة للإلتزام بالمهل الدستورية واجراء الإنتخابات الرئاسية ضمن هذه المهل وتجنب عدم الوصول إلى حالة الفراغ، مؤكدا بإن مصر ليس لديها تفضيل لأي تيار أو مرسح والمهم لديها هو تأييد الرئيس الذي سيتوافق عليه اللبنانيين ونحن على ثقة بأن التيارات السياسية اللبنانية ستتوصل إلى ايصال مرشح قوي توافقي قادر على أن يجمع لبنان ويوحد صفوفه في هذه المرحلة التي فيها فعلا تحديات بمنتهى الخطورة على الكيان اللبناني وتعدده وتنوعه لذلك لا بد من وصول رئيس قوى توافقي قادر على مواجهة التحديات ودرء المخاطر المحدقة بلبنان وشعبه.

سوريا: اﻻزمة مستمرة

وبخصوص الأزمة السورية، أشار بأن من يظن بان الأزمة في سوريا يمكن انهائها من خلال القوة والخيار العسكري هو مخطئ والأيام المقبلة ستؤكد أكثر وأكثر على خطأه في هذا الشأن، لذلك هناك حاجة لتوافق سوري داخلي حول حل سياسي يكون مدعوما من الأطراف الدولية والإقليمية الأكثر اهتماما وتأثيرا بالواقع السوري، وأعتقد بأن هناك قناعة عند جمع الأطراف الدولية والإقليمية بأن الحل في سوريا لا بد أن يكون سياسياً وبأنه لا بد من العمل على تشجيع التوافق الداخلي السوري للسير بحل سياسي للأزمة السورية.

وبخصوص الإنتخابات الرئاسية في سوريا، قال بان هناك استحالة لإجرائها في كل أنحاء سوريا من ناحية تأمينها وسلامتها وصحتها ونزاهتها وشفافيتها ومن النواحي اللوجستية والعملانية، فبالتأكيد إن إجراء الإنتخابات الرئاسية في سوريا لن يكون  بالأمر السهل وفي حال الإصرار على إجرائها فإن هذا الأمر سيزيد من التعقيد أكثر على مهمة أي مسؤول دولي يسعى لإيجاد الحل السياسي في سوريا.

وبخصوص الكلام المتناقل في الإعلام عن وجود تعاون عسكري بين الجيش المصري وجيش النظام في سوريا، قال بأن كل ما يقال بأن هناك عودة للإتصال والتعاون بين الجيش المصري والسوري هو أمر لا أساس له من الواقعية والصحية على الإطلاق. فموقف مصر من بداية الأزمة السورية ولحد الآن له ثوابت لم تتغير، وهي تتمحور حول أهمية الحفاظ على الدولة السورية، التنوع والتعدد السوري، الحدود السورية، والحل السياسي في سوريا. وهذه الثوابت لم تتغير، والوجود المصري في سوريا لم ينقطع في يوم من الأيام، فالتواجد الدبلوماسي المصري في سوريا وتواصله مع كافة الأطراف لم ينقطع في أي وقت حتى في زمن الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وهذا الأمر لم يتغير اليوم. أما القول بأن هناك دعم من الجيش المصري إلى الجيش السوري هذا أمر لا علاقة له بالواقع على الإطلاق.

وأضاف نحن على قناعة بأن سوريا تحتاج  اليوم أكثر من اي وقت مضى إلى فكر جديد وقيادة جديدة قادرة على الحفاظ على ثوابت الدولة السورية، وهناك ظاهرة موجودة في العالم العربي في دول مختلفة حيث هناك خطر يتهدد ثوابت الدولة في أكثر من بلد عربي منها لبنان والعراق ليبيا والسودان، وهذا أمر نسعى إلى لمواجهته حرصا منا على أهمية الحفاظ على ثوابت الدولة العربية القادرة على حماية وحدتها وتأمين مصالح شعوبها بمختلف مكوناتهم الإجتماعية.

القضية الفلسطينية

وقال أن القضية الفلسطينية غير منسية ولا يمكن أن تكون منسية لأنها قضية تاريخية ومركزية عند العرب واليوم هناك اجتماع طارئ للوزراء العرب في الجامعة العربية مخصص فقط للقضية الفلسطينية وهذا ما يؤكد استمرار بقاء هذه القضية على رأس اهتمامات العرب سيما أن استمرار قضية فلسطين دون حل رغم جهود المجتمع الدولى ومجلس الأمن منذ نشأة الأمم المتحدة، يؤكد استمرار تبعات هذه القضية على الشعب الفلسطيني وعلى جميع دول المنطقة وعلى السلم والأمن الدوليين.

وأشار بأن مصر ستبقى مدافعة عن القضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية وكذلك متمسكة في عدم التفريض بحقوق هذه القضية التي تحقق تطلعات الشعب الفلسطينى والتي هي  المبنية على الشرعية الدولية، ومن ضمن هذه الحقوق التمسك بحق العودة للشعب الفلسطيني. مضيفا بأن مصر داعمة للقضية في كل مراحلها لا سيما على صعيد الجهود الجارية للوصول إلى عن حل عادل يحقق المتطلبات الأساسية للسلام المستدام، ويؤدى إلى إنشاء دولة فلسطينية، كاملة السيادة والاستقلال، عاصمتها القدس الشريف.

______________

(*)  – حاوره هشام يحيى