الأحزاب… وقضايا المرأة… تكامل أم تنافس؟

علا كرامة – الأنباء

 “أعتقد بنظرتي الخاصة أن عند النساء صفات غير موجودة عند الرجال، فروح التضحية والصبر والإهتمام بالمسائل الإجتماعية موجودة عند النساء أكبر مما هي عند الرجال”.  (كمال جنبلاط)

فالمرأة كانت وما تزال محور إهتمام على كل المستويات، هي ملهمة الشاعر ومثال الرسام والفنان، ونموذج في التربية وبناء الأسر وهي نموذج الإنسان المناضل، لتثبيت الحقوق وإقامة التوازن لها ولدورها في جميع ميادين الحياة، ولأنها كانت الشغل الشاغل للحياة السياسية والفنية والأدبية فهي تبقى محط تقدير واحترام لأنها ليست فقط نصف المجتمع بل هي المجتمع بعينه!

وإذا اختلفت الآراء فيها وفي تثبيت حقوقها ومساواتها الجوهرية مع شريكها الرجل في المجتمع فهي تبقى القضية التي تستحق منا النضال ومواكبة حركتها في اتجاه حريتها وعدالتها ومساواتها. ولأن هذا الموضوع مسار جدل ونقاش وعنوان دراسات وندوات وورش عمل.

من هنا، واكبت “الأنباء” حلقة حوار حول العنف الأسري، التمييز ضد المرأة، وقوانين الأحوال الشخصية التي أقامتها جمعية الإتحاد النسائي التقدمي ومنظمة الشباب التقدمي، نهار الإثنين في 7 نيسان2014، في مركز الحزب التقدمي الإشتراكي- بيروت وطى المصيطبة. بحضور أمين السر العام للحزب التقدمي الإشتراكي ظافر ناصر، رئيسة الإتحاد النسائي وفاء عابد، مفوض الشباب والرياضة صالح حديفة، رئيس جمعية الخريجين التقدميين يحيى ابو كروم، وفد من قطاع الطلاب في حزب الوطنيين الاحرار، وفد من التجمع النسائي الديمقراطي، وعدد من الشباب والشابات من منظمة الشباب التقدمي الإشتراكي، وعدد من المهتمين والناشطين.

IMG_3822
بدايةً كانت كلمة ترحيبية ألقتها وفاء عابد التي شكرت الحضور المتنوع من مختلف الفئات العمرية الشبابية والنسائية.

ثم حاضرت رئيسة المعهد العربي لحقوق الإنسان جمانا مرعي حيث ركزت فيها على إشكاليات العنف الأسري طارحة نماذج من حوادث العنف والتمييز ضد المرأة والتي تعود أسبابها إلى قانون الأحوال الشخصية المجحفة. وشددت مرعي على “أهمية تحقيق المواطنة الكاملة. وعلى القانون أن يحمي الشخص الأضعف والمرأة هي الأضعف”. ونوهت مرعي بأهمية دور الأحزاب في تعزيز دور المرأة، مطالبة بإيجاد قانون مدني موحّد إلزامي للأحوال الشخصية”.

وكانت مداخلة لمروى أبي فراج حول نظرة الشباب للمرأة، ومشاركة المرأة بالسياسة تحت عنوان “المرأة في السياسة تنافس أم تكامل؟”، وعرضت لمحة تاريخية من بداية دخول المرأة للبرلمان في ال98، ثم طرحت المعوقات أو الأسباب التي تعيق وصول المرأة إلى السياسة، ثم تم عرض مصور هادف حول واقع المرأة، خاصةً في البلدان التي اجتاحتها الثورات العربية. وكانت مداخلة لعابد التي قالت أن “أهون طريق لوصول المرأة هو عبر الأحزاب، بقدر ما الأحزاب تعزز المرأة وجودها في المواقع السياسية ومواقع القرار، ووجود المرأة في البلديات أيضاً هو أهم من وجود المرأة في الوزارات، ويجب على المرأة أن تتشجع أكثر وأن تحمل مشروعاً سياسياً”.
IMG_3824

وفي هذا السياق، ذكرت أبي فراج المعوقات التي تمنع المرأة من المشاركة في الحياة السياسية هي: سياسية طائفية إجتماعية إقتصادية إيديولوجية نفسية وسيطرة المجتمع الأبوي أو العقلية الذكورية المسيطرة. وكل هذه المعوقات أدت لأن تكون المرأة مواطنة من الدرجة الثانية. وتابعت أبي فراج أما عن الإجحاف بحق المرأة فهي تبدأ عند الولادة وما بعد الولادة، أي التمييز يبدء من التربية ومن خلال المناهج التربوية والمجتمع. وعن الحلول المطلوبة لكي تخرج من الواقع الحالي عددت أبي فراج “احترام ما نص عليه الدستور اللبناني فيما يتعلق بالمساواة، بلورة ثقافة جديدة تساعد على الخروج من منطلق العصبيات المذهبية والطائفية…” وغيرها من الحلول التي تدعم المرأة في الواقع السياسي.

ومن جانبها، أملت السيدة مرعي “بالتغيير الكبير لأن حلمنا على حلم هذا الوطن، حلمنا بمساواة النساء مع الرجل، وأن يعود هذا الوطن حراً وسيداً”، وشددت مرعي على أن “ليس هناك تغيير بأوضاع النساء من دون أن تكون الأحزاب هي آداة التغيير، وإذا الأحزاب لا تريد أن تتبنى قضايا النساء. وليس هناك قضايا تدخل على الحزب السياسي إذا لم يكن هناك نساء يرفعن صوتهن في قلب الحزب السياسي. فأيضاً النساء صوتهن منخفض داخل الحزب السياسي، فيجب أن يعلو صوت المرأة داخل الحزب، ويجب صوت الحزب أن يعلو على قضايا النساء”. معتبرةً أن أكبر إقصاء عرفته النساء هو إقصاء من الأحزاب السياسة حين أقمن إتحاد نسائي على جانب الحزب.
وخلال الحلقة ذكرت مرعي أن “قانون العنف الأسري في البرلمان توقف عند قانون الأحوال الشخصية، ومشكلتنا الأساسية اليوم هو بقانون العنف الأسري هو بالأحوال الشخصية وحين وصلنا إلى مواد بالقانون هي من صلاحيات المحاكم الروحية والمذهبية قالوا توقفوا. وحين وصلنا عند موضوع الإغتصاب الزوجي الذي هو أيضاً من صلاحيات المحاكم الدينية قالوا توقفوا! أي لنرى كيف الأحوال الشخصية ماسكة كل شيء بما فيها المشاركة السياسية، بما فيها إلغاء التمييز”.

ختاماً، فتح باب المداخلات وخلالها نوّه حديفة “مشكلة الإنتساب للأحزاب ليست مشكلة للمرأة مشكلة عند كل المجتمع اللبناني على اعتبار أن اليوم الإنتساب للحزب هو يقلق الشاب مثلما يقلق الشابة إذا كنا نتكلم بمستوى المراحل الشبابية، طبعاً على مستوى الأعمار المتقدمة أيضاً هذه مشكلة عند الرجل والمرأة، ونواجهها على اعتبار أن الأحزاب تقدم نموذجاً سيئاً بمعظم الأحيان في المجتمع، وبالتالي مشكلة الإنتساب للأحزاب يجب أن نعالجها مع الرجل والمرأة على السواء. وطرح حديفة “كيف يمكن معالجتها؟ بأن تقدم الأحزاب نموذج مختلف عن المتعارف عليه والسائد بالمجتمع وبعقليتنا، وهي ممارسة يومية تبدأ بكيان الحزب الصغير وصولاً إلى قيادة الحزب إلى أعلى المستويات.

IMG_3823
وتابع حديفة “الحرب المستترة ما بين المدنيين والدينيين هذا هو الصراع الأساسي التي يجب أن تقوده المرأة إلى جانب كل إنسان يؤمن بالقانون المدني الذي يجب أن يسود”. وشدد حديفة أن “الصراع الأساسي يجب أن يكون على إلغاء التمييز وأول معارك هذا الصراع هو قانون الأحوال الشخصية، ويجب على قانون الأحوال الشخصية المدني أن يكون العنوان الأساسي للنضال الآت وليس فقط لحركة المرأة النضالية”.

وركز حديفة على “ضرورة التواصل بين الهيئات النسائية والشبابية وبذل كل الجهود لتشجيع الشباب والمرأة للدخول إلى الأحزاب، ومتابعة قضايا المرأة”.

وعلى هامش الحلقة حاورت “الأنباء” السيدة مرعي حول مدى مراعاة الأحزاب السلطات الطائفية في عدم دعم قضايا المرأة بشكل صحيح؟ أجابت مراد أن “المشكلة الأساسية هي إما أن هذه الأحزاب هي طائفية أو أنها أحزاب موجودة بالبرلمان بموقع طائفي. الأحزاب هي بأغلبها ليست مدنية. والنظام السياسي اللبناني، نظام طائفي، لذلك لكي يحمو النظام السياسي الطائفي، يحاولون منع أي قانون يمس الأحوال الشخصية، قانون العنف الأسري بشكل أو بآخر مس بمسألة الأحوال الشخصية. هناك ضعف في بناء قدرات من أجل المرأة للمشاركة السياسية. وهذه القدرات لا تبنى إلا بعمل سياسي وبأحزاب سياسية، فيجب أن تمر بالحياة السياسية وبتجربة العمل العام، وفي كل أنحاء العالم المرأة وصلت إلى البرلمان عبر الأحزاب التي ترشحها. وختمت مرعي بأن “يجب على النساء أن تصل للبرلمان حاملة مشاريع سياسية وطنية، لذلك نقول مدخل مشاركة المرأة السياسية هي من الحزب السياسي الذي يجعل المرأة تصل برؤية سياسية وبمهارات وقدرات سياسية”.