طرابلس… ابتسمت بعد حزن السنوات العجاف

محمود الاحمدية

يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم : “لا تقتلوا شيخا” فانياً ولا طفلاً صغيراً ولا إمرأةً، ولا تغلّوا وصُنوا غنائمكُم واصلحوا وأحِْسنوا إن الله يحبُّ المحسنين”

خمس سنوات من الحروب المتنقلة في قلب مدينة طرابلس وعلى أطرافها، عشرون جولة قتال، مايتان وثمانون قتيلاً وحوالي سبعماية جريحا، وتفجيرات ضخمة ليس آخرها المسجدان والضحايا، وبقدرة قادر وبعد أن بُحّت الأصوات من مسألة الحسم القاطع الصريح وعدم التّهاون، توقفت الحرب وزالت الدّشم وفرّ قادة المحاور، فهنا ألف سؤال وسؤال يَطرَحوا أنفسهم كيف أن إعلام الخطة العسكرية تمّ قبل تنفيذها وبحسن النية أو سوئها، هرب قادة المحاور على جَبْهَتَينْ، وكلّ شيء انتهى !! أين هُمُ المقاتلون وقادةُ المحاور وأين رفعت عيد يتبوأ الميكروفون ووصلت به الأمور أن يهدّد بالجيش السوري على (عينك يا تاجر) وبدون أن يرفّ له جفنٌ ويدّعي الفضيلة واللباقة والكياسة في نفس الوقت فترى قُبح الماضي البغيض الميليشياوي يشرقط في عينيه الذاهبتين إلى اللاشيء !! وأين هُمُ القادة الذين سيطروا على الزواريب وحوّلوا طرابلس إلى قندهار أخرى واستطاعوا فرض وجودهم بسياراتهم العسكرية التي اعادت للأذهان ذكريات حرب 1975 بتشبيحهم على أوادم الناس وتوقيفهم الآخرين على الهوية تحت ستار الأخذ بالثأر للذين راحوا ضحية تفجير المسجدَيْن … يوميا” اصبحت كلمة قتيل قتيلان ثلاثة وجرحى على محوري التبانة وجبل محسن لغة روتينية أرعَبَتْ الذين مرّت عليهم الحروب الماضية … وظنّوا أنهم باقون للأبد فإذا بالحكومة الجديدة وبغطاء سياسي كان من المفترض أخذه سابقاً، فرّ كلّ المشاغبين وأبطال الزواريب قبل بزوغ الفجر وقبل بدء تنفيذ الخطة العسكرية للجيش اللبناني الذي نقدّر ونقدّس ونرى فيه خشبة الخلاص والعذاب، فالذي اقتحم مخيّم نهر البارد وقدّم الشهداء شهداء كل الوطن، أثبت أنه القوي القادر على الحسم وبسرعة قصوى… ومن خلال المشهد الطرابلسي الذي أعاد لطرابلس رونقها وحضارتها وعنفوانها وتوّجها من جديد عاصمة ثانية مشرّفةً للبنان الحضارة لبنان التاريخ لبنان التعايش … طرابلس عادة كما نعرفها عاصمة فرح وسعادة ونشوة الأمل تعلو وجوه أبنائها… ومن خلال هذه الخطّة العسكريّة الصارمة يتكوّن لدينا استنتاجان…

1 – الدولة عندما حزمت أمرها وقرّرت أثبتت أنها قادرة على تغيير الواقع الأمني الذي سيطر على عاصمة الشمال طيلة خمس سنوات وكلّ ذلك تمّ خلال أيّام معدودة.

2 – إن أمراء الزواريب أثبتوا أنّهم حطبٌ لثوراتٍ لم تتوفّر فيها مقوّمات الثورة الحقيقيّة ولم يكن لهم أيّ دور واختفوا كالخفافيش في عتمة الليل.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا عن الذين خالفوا القانون جهاراً وفي وضح النهار ولا يزالون يظهرون على الملأ ؟؟ ماذا عن الذين بالصوت والصورة أصبحوا معروفين وهم الذين دمّروا حياة الناس وأعصاب الناس؟ ألم يحن وقت توقيفهم ومحاسبتهم كرادع لكل معتد ومتجاوز للقانون وكعامل أمان لكل طرابلسي بل لكل لبناني ؟؟ ومهما كانت وجهة فرار قادة المحاور من الطرفَيْن فالسكوت على مقراتهم الجديدة هو إنكفاء عن تكملة المهمة العظيمة والتاريخية التي يقوم بها الجيش اللبناني البطل.

طرابلس أثبتت أنها وكمحطة سياسية وعسكرية حرب الضحية على الضحية… ومن أسوأ المناظر التي لا أستطيع نسيانها أحد قياديي الزواريب عندما هاجم بمرارة وبوقاحة الشيخ سعد الحريري وهنا تظهر هشاشة هؤلاء الناس الذين روّعوا العباد والبشر وكذلك لن أنسى علي عيد وهو يدّعي المرض وألف شيطان يختبىء في عباءته …
مشاهدٌ ستبقى في البال ولكن الوجه الباسم الحضاريّ التاريخيّ عاد ويسكُنُه نسيمُ طرابلس الفيحاء وعبقُ ليمونها المشهور، وعادت الأيادي الخيّرة إلى صناعة الفرح والسعادة في العاصمة الثانية التي نحبّ ونقدّر.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة