ما هو الوقت الذي تحتاجه سوريا لإستعادة اقتصادها؟

لا يمكن قياس ثمن لأرواح 150 ألف سوري، كان تعنت ورعونة نظام الأسد السبب المباشر في إزهاقها في حربه المستمرة منذ ثلاث سنوات ضد الثورة السورية، إلا أن تقريرا للأمم المتحدة حاول استعراض ملامح الدمار الاقتصادي، يرى أن سوريا تحتاج الى 30 سنة لاستعادة اقتصادها في حال توقفت الحرب اليوم!.. وهو التقرير الأول على الإطلاق عن خسائر هذه الحرب المدمرة.

ما جرى في سوريا وصل إلى مستوى الدمار في الحرب العالمية الثانية، على قول خبراء، لم يترك لهم نظام الأسد شيئا لقياسه وتقييمه في المدن المدمرة، التي فقدت سكانها وجرى تدمير منظم لكيان الأسرة فيها، وانهار اقتصادها وغابت مظاهر الحياة عنها، حتى هبطت إنتاجيتها إلى ما دون الصفر، ليضع هذا النظام المتمرد العالم أمام تكهنات مريرة حول الكلفة الإنسانية والاقتصادية الباهظة للحرب التي يشنها ضد من يسميهم شعبه وأبناء وطنه.

ويفيد تقرير لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن اقتصاد سوريا سوف يستغرق عقودا لاسترداد تكلفة الحرب “حتى لو توقف الصراع الآن ونما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 5% سنويا” فإن ذلك “سيستغرق الاقتصاد السوري 30 عاما للعودة إلى المستوى الذي كان عليه في عام 2010″.

ويلاحظ التقرير، اعتمادا على البيانات الأخيرة المتاحة، أن الاقتصاد السوري خسر ما مجموعه 84.4 مليار دولار خلال العامين الأولين من الحرب، و2.33 مليون وظيفة، مما يشير الى أن نصف القوى العاملة عاطلة عن العمل وأكثر من نصف السكان يعيشون في فقر.

ويستند التقرير في تقييمه الى الحسابات الاقتصادية المحايدة، ومعايير القياس الدولية المعمول بها عالميا، واستخدمتها الوكالة التي تعمل منذ عقود في سوريا وعلى صلة بالمجتمع المحلي لا سيما الفقراء منهم.

ووصل عدد النازحين إلى 9 ملايين داخل سوريا، إلى جانب أكثر من 2.5 لاجئ في الأردن ولبنان بحسب آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن هيئات تابعة للأمم المتحدة.

وبحسب بيان صحافي قامت الأونروا بإجراء مسح هو الأول من نوعه عن برنامج التمويل الصغير التابع لها في سوريا؛ وخلص المسح إلى أن أثر النزاع هناك “ساحق وصادم” وأن الغالبية العظمى من عملاء البرنامج قد أصبحوا نازحين وبحاجة إلى مساعدات إنسانية.

وقد أجري المسح على ما وصفه التقرير بأنه “كارثة اقتصادية” يحتاج الاقتصاد السوري إلى 30 عاما لكي يتعافى منها ويعود لمستوياته التي كان عليها في عام 2010. وعلى أية حال، فإن النزوح والدمار المادي والنهب قد أخذت مكانا لها على أرض الواقع وبدرجة كبيرة بحيث أن 13% فقط من الأعمال التي دعمتها الأونروا قد تمكنت من النجاة.

ويقول التقرير في ملخصه “إن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، وهي تقدم دليلا إحصائيا ملموسا على الأثر المأساوي والمستشري للنزاع على الحياة وسبل المعيشة في سائر أرجاء سوريا”.

وفي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، والذي “كان يتصدر عناوين الأخبار، فإن 89% من عملائنا في برنامج التمويل الصغير قد تعرضوا للنزوح ولم يستطع سوى 3% من الاستمرار في أعمالهم” على قول كريس غانيس الناطق الإعلامي للأونروا.

وأضاف غانيس أن “الرقم المتعلق بالنهب – 40% من المؤسسات – يحكي قصته المنفصلة مثله في ذلك مثل نسبة 55% من عملائنا الذين تعرضت منازلهم للدمار، فيما تعرضت منازل 14% منهم للتدمير الكامل”.

وبحسب المتحدث باسم الأنروا، فقد “كانت المؤسسات التي تملكها النساء هي الأشد إصابة بالضرر حيث إن ما يقارب من ثلثي المؤسسات التي تعرضت للتدمير كانت تعود لنساء تم تمويلهن من خلال منتج الأونروا الخاص بالقروض الائتمانية للبيوت الأسرية النسائية”.

ويبحث المسح أيضا في “آليات التكيف” التي اتبعها عملاء برنامج الأونروا للتمويل الصغير ويقوم برسم صورة قاتمة؛ حيث وجد أن 48% من أولئك الذين شملهم المسح قد عانوا من مساكن غير ملائمة. وانخفض الدخل الشهري لما نسبته 83% من العملاء فيما زادت كلفة المعيشة بمقدار الضعف خلال النزاع الذي استمر ثلاث سنوات.

ووجد المسح أن خمس العملاء لا يتوفر لديهم مصدر للدخل فيما أفاد 45% بأنهم يعيشون على كفاف يومهم. وقامت ما يقارب من 90% من الأسر المعيشة بتخفيض نفقات الأسرة على الطعام والضروريات الأساسية. وقال 86% من العملاء بأنهم بحاجة للمساعدة لكي يبقوا على قيد الحياة، إلا أن 38% فقط من الأسر المعيشية قد أشارت بأنها لم تتسلم أية مساعدة مهما كانت.

وقد أجري المسح في يونيو/حزيران 2013 بدعم من الاتحاد الأوروبي، وهو يركز على الأوضاع والظروف المعيشية لعملاء برنامج الأونروا للتمويل الصغير في دمشق وحلب؛ واستند على مسح بسيط لما مجموعه 8,000 عميل نشيط، سوريين وفلسطينيين على حد سواء.

وحول أهمية استمرار برنامج الأونروا للتمويل الصغير في سوريا، يقول غانيس “في مواجهة النزاع الجاري، قامت دائرة التمويل الصغير التابعة لنا بتطوير خطط طوارئ لاستدامة البرنامج، مع بذل الجهود في سبيل استئناف الخدمات في دمشق وحلب وإقرار فتح مكاتب في ثلاثة أجزاء أكثر أمنا في سوريا هي طرطوس واللاذقية والسويداء”.

وتلعب القروض الصغيرة للأونروا حاليا دورا مزدوجا في استدامة الأعمال الصغيرة في القوت الذي تقدم فيه مدخلات حيوية لمرونة وآليات التأقلم للاجئي فلسطين المتضررين من النزاع.

من جهة أخرى،تمكن مقاتلو المعارضة السورية من السيطرة على أجزاء من المرصد 45 الإستراتيجي بمنطقة كسب في ريف اللاذقية إثر معارك كر وفر مع قوات الجيش النظامي، حسب ناشطين.وأوضحت مصادر عسكرية معارضة أن المعارك محتدمة في هذه النقطة بين الطرفين للوصول إلى مناطق مرتفعة تتيح للثوار السيطرة على واجهة بحرية بطول 10 كيلومترات تمتد من الحدود التركية نحو رأس البسيط في الساحل السوري، إلى جانب عرقلة تقدم القوات النظامية في المنطقة.وتأتي أهمية المرصد من كونه يرتفع عن سطح البحر بنحو 900 متر ويتوسط عددا من المواقع الهامة حيث يطل على جبلي الأكراد والتركمان شرقا، وعلى مدينة كسب وجبل الأقرع شمالا، وعلى البحر المتوسط غربا، وعلى منطقة البسيط حتى مدينة اللاذقية جنوبا.

وتحدث حسن أبو الوليد الناشط الإعلامي في اللاذقية عن تفاصيل خسارة فصائل المعارضة للمرصد مؤخرا قبل استعادتها بعضا من نقاطه.ويقول إن مجموعة صغيرة من جيش النظام كانت متحصنة في أعلى القمة وتمكنت من نصب كمين لبعض مسلحي المعارضة وقتلت معظمهم.لكنه يؤكد  أنه لم يتبق من معدات قوات النظام المتحصنة في المرصد سوى عربة مدرعة واحدة ورشاش ثقيل.

ن جانبه، يؤكد الناطق الإعلامي باسم معركة الأنفال أبو ريان أن قوات المعارضة تسيطر على الجهة الشمالية من المرصد، فيما يسيطر النظام على الجهة الجنوبية منه وسط خلو قمته من تواجد عسكري لأي من الطرفين.

وحول سير المعركة في المرصد في الـ24 ساعة الماضية، يقول أبو ريان إن مجموعة من الفصائل الإسلامية اقتحمت المباني الموجودة في قمة المرصد وتعرضت لقصف عنيف من قبل مدفعية النظام، مما أجبرها على الانسحاب بعد قتل وجرح بعض عناصرها.

ويضيف أن هذا الانسحاب أتاح لقوات النظام إعادة تمركزها وسيطرتها على المباني في الجهة الجنوبية للمرصد، بينما تواجدت المعارضة المسلحة في نقطتي الخيام وبرج سيريتل من الجهة الشمالية، لتبقى قمة المرصد خالية من أي تواجد عسكري لكلا الطرفين.

_____________

(*) – هشام يحيى