وليد جنبلاط … في لقاء سيبقى في الذاكرة

محمود الاحمدية

“إن من لم يسيطر عليه العقل التام لا يستطيع أن يعلو فوق سماء قدر أفكاره وأهوائه وأفعاله… فكيف يستعلي على أحداث عصره وزمانه”

(كمال جنبلاط )
بعيدا” عن المحاباة والبخّور الدارجة هذه الأيام على المستوى السياسي اللبناني، وفي مقابلة تكثفت فيها الأسئلة وكانت الأجوبة واضحة صريحة كالعادة … وكان وليد جنبلاط وفي المفاصل الأساسية ساحرا” رائعا” يصنع الحدث ويشرحه ويفرض عليك صفاء الذهن وحشرية المتابعة سواء كنت معجبا” به أصلا” أو العكس … وغطت المقابلة معظم المسائل بكل أبعادها الداخلية والإقليمية والعالمية … في الداخل ركز على مسألة تثبيت نظرية الوسطية وأهميتها في تشكيل اللحمة ورأب الصدع وكان دقيقا” في وصف تدخّل حزب الله بالوحول السورية والتشديد على أن يبرود وسقوطها لا يعد انتصارا” بالمطلق بل المزيد من الغرق في المستنقع السوري وكانت كلماته موزونة” دقيقة” على طريقة الجواهرجي فقال : المسألة هي أن بندقية حزب الله وجدت لحماية الوطن من العدو الإسرائيلي وعندما تغيّر اتجاهها إلى القتال في سوريا كان الخطأ التاريخي لحزب الله … وشدّد على الإبقاء على صفة المقاومة لهذا الحزب وأوضح أن قرار سحب حزب الله من سوريا هو قرار أكبر من الجميع وهو بيد إيران … وكان موقف وليد جنبلاط واضحا” في عدم تحميل حزب الله مسؤولية التفجيرات في لبنان مذكرا” بثقافة الإنتحار التي كانت أصلا” موجودة منذ عام 2001 عندما كان الإنتحاري اللبناني من آل الجراح أحد الذين كانوا في الطائرة التي ضربت الأبراج في اميركا .

أما بالنسبة لطرابلس فقد دعى رفعت عيد إلى عدم توريط الطائفة العلوية بمعركة ليست لصالح أحد ، ودعى اللواء أشرف ريفي كوزير للعدل أن يسطر المذكرات ضد كل من يراه مخالفا” للقانون وليأخذ القانون مجراه عبر القضاء ، ودعى الجيش إلى اتخاذ القرار الحازم بالدخول المتوازن إلى باب التبانة وجبل محسن وسحب السلاح مرة” واحدة ونهائية ، وداعيا” في نفس الوقت الجهات الطرابلسية المعنية بالمعارك أن تقنع جماعاتها وتعمل على ذلك والحد من الفلتان والفوضى وسيطرة العقل والتعقل من سياسيّي طرابلس على جماعاتهم في الشارع الطرابلسي كما فعل هو بنفسه بعد أحداث 7 آيار واشتغل على إقناع جماعته برأيه وكان المجهود كبيرا” ومضنيا” ، وهكذا يجب على كل شرائح المجتمع اللبناني أن تنهج هذا النهج وتحديد الأولويات وتقديم الأهم على المهمّ … كما شدّد على أهمّية الدور الذي قام به الرئيس سليمان والشيخ سعد الحريري والأستاذ تمام سلام وكل الأيادي الخيّرة للوصول إلى تشكيل وزارة كان يشدّد فيها وليد جنبلاط على أن تكون جامعة ، وركز على أهمية علاقاته بمختلف الأطراف من حزب الله إلى المستقبل إلى الدكتور جعجع إلى الجنرال عون ، وشدّد على تحالفه التاريخي الذي لا ينفصم مع صديقه الرئيس نبيه بري مسترجعا” ذكريات مقاومة إسرائيل في بيروت من مختلف شرائح المجتمع البيروتي من الضاحية جنوبا” إلى كل بيروت قائلا” انها كانت أيام كحلم جميل .

وأكد بالبعد الإقليمي أن الحرب في سوريا ستمتدّ لعشر سنوات مهاجما” الرئيس الاميركي أوباما واصفا” أفكاره بالخبث عندما قال لصحيفة اميركية روسيا غرقت في سوريا كذلك إيران أمّا المعارضة فهي ركام واستعمال كلمة ركام يراد بها أن تصل كل سوريا الى ركام وهذا منتهى الخبث الاميركي ويريدون من سوريا أن تصبح مثل العراق شبه دولة وشبه كيان مشلعا” منقسما” على نفسه …

واللفتة التاريخية هي تأكيده على أن سفراء الدول الغربية كذابون وشرح كيف أنه عانى من هذا الأمر وخبره وعانى منه شخصيا” فالسفارات تمثل على الشعب اللبناني وهمها الأساسي أمن العدو الإسرائيلي … وأكد على أهمية طاولة الحوار التي دعا إليها فخامة الرئيس وعدم التعرّض لمسألة سلاح حزب الله في سوريا لأنها مضيعة للوقت ولأنه قرار إيراني أكبر من الجميع …

وبعيدا” عن السياسة وفي مجال المباني التراثية قال انه يكفي معرفة عدد الأبنية الأثرية التي كان عددها ألفين وسقط هذا العدد إلى المايتين والحبل على الجرار لصالح زحف الباطون وتشويه المدينة …

أما في مجال الكتاب والمعرض الأخير الخاص بالمعلم كمال جنبلاط أكّد أن الصورة الثلاثية حيث عرفه المعلم على الزعيم جمال عبد الناثصر هي الأقرب إلى قلبه وأشاد بالدور التاريخي لعبد الناصر حيث كان له الفضل الأكبر في تهيئة الجيش المصري الذي قاتل ودمر خط بارليف وكان عصارة جهد وتخطيط عبد الناصر وأشاد وليد جنبلاط ببسالة قتال الجيش السوري التاريخي في تلك الحرب حيث تحطّم صلف وغرور إسرائيل .

خلاصة القول كان وليد جنبلاط مشرقطا” وواضحا” وصاحب كاريزما … واستطاع إقناعنا بصوابية الوسطية كمثال ونهج ونموذج … يكفي جملة واحدة أقولها : تخيلوا لو أن كلّ السياسيين انتهجوا سياسة وليد جنبلاط المتنورة الواضحة المعتدلة هل كان وضع البلد الحالي هو نفسه ؟؟ والجواب عند ضمير كل لبناني يحب وطنه ويؤمن برسالته وسيادته وحريته وكرامته .

سهرة الأحد 23 / 3 / 2014 ستبقى في الذاكرة … وليد جنبلاط في مقابلتك كنت معلما” أبن معلم

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة