ليلى عبد اللطيف والأفق الدامع

محمود الاحمدية

منذ يومين وبعد حملة إعلانية كبيرة ظهرت ليلى عبد اللطيف وكانت مقابلة مطوّلة، جالت فيها وصالت، وتشبث ملايين المشاهدين بكل كلمة تنطق بها، وأخذت مجدها في مساحات لا تحلم بها من فكر الناس وعذاب الناس وأحلام الناس وأعصاب الناس … وكانت توقّّعاتها سلسلة متفجّرة من الأخبار والحمدلله لقد طمنت أن مستقبل التفجيرات سيكون في مناطق أخرى أيضا” خارج الضاحية، وهناك مزيد من التفجيرات في الضاحية، وذهبت بخيالها الى الأماكن المقدسة في كل من جبيل وعمشيت ولكن حسب علمها أن الجيش سيفكك السيارات الانتحارية قبل تفجيرها … وتقول وبعيون لا ترمش وابتسامة تحمل الأمل والحمدلله ان حواجز الجيش ستتعرض للخطر … وتكلمت وتكلمت وتكلمت…

وفي اليوم التالي وعبر المكاتب حيث نعمل الكل يوشوش ويتحدّث بجدية ماذا قالت ليلى وماذا حلمت ليلى… والله عصفورية كبير.. والسؤال الأول الذي يطرح نفسه: أن تختار الفضائية ساعة الذروة في مساء أحد والعالم عائدة إلى بيوتها وتودّ أن تركن وترتاح لمشاهدة التلفزيون … مَن المسؤول عن هذا الكلام على الهواء وقبل الخلود إلى النوم؟ ومَن المسؤول عن تدمير حياة الآخرين بكلّ بساطة!! وهل من العقل بمكان ان يُقال ستتعرّض كبار السوبر ماركت و (المولز) إلى هجوم صاعق فإذا بها وخلال اسبوعين لا تطأها قدم وتنضح الوجوه بالحزن والألم والعذاب والقهر … مَن يتحمّل مسؤولية خسائر الناس ؟؟ من يتحمّل مسؤولية البلبلة التي خلقتها كل هذه التّرهات؟؟ صحيح أن وسائل الإعلام لها الحق في تبنّي البرامج التي تأتي لها بالربح الوفير من خلال الاعلانات ولكن الأصحّ أيضا” وفي الدول المتحضرة المتقدمة والراقية هناك مسؤولية مجتمعية من هذه الفضائيات تجاه المجتم ، فلم يعد جائزا” أو مقبولا” ان تزيد هذه المؤسسات أرباحها على حساب أعصاب الناس ودموعهم واستغلال حالاتهم المنهارة بالبعدين الاقتصادي والنفسي! في البلاد المتحضّرة تقدّم هذه المؤسسات جزءا” من أرباحها إلى المستشفيات ودور الايتام والجمعيات الخيرية الإنسانية والمدارس الرسميّة وتصبح رافدا” إيجابيا” في حياة الدول وصحة وتقدّم شعوبها … وتشارك بشكل فعّال في تحسين البيئة وتطويرها عبر تنمية مستدام … نحن لا نطالب بكل ذلك نطالب بأن يكفّوا شرّهم ومصائبهم عن الناس فلم يعد اللبناني يتحمّل هذا الكمّ من الألم والتنبّؤ والتعجّب وانقلاب الوضع النفسي من حال إلى حال بمجرّد تلفّظت تلك الشفاه برؤيا معيّنة ! كفاكم لعبا” بالآخرين وأصبح الكثيرون يتمنوّن اليوم الذي يأتي فيه إفلاس حقيقي لكلّ برنامج يدمّر أعصاب الناس ! ويحلمون باليوم الذي وبمجرد ظهور فلكي عابث يديرون المحطة إلى موقع آخر عن سابق وعي وعمد وإصرار !!

متى تغيب شمس هؤلاء في أفقٍ بعيدٍ لوطنٍ دامع؟!

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة