“عدل ساعةٍ في حكومةٍ خيرٌ منْ عبادة ستّين سنة” (النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم)

في هذه الأيام المصيرية الصعبة التي يمر بها الوطن، حيث يمرّ تأليف الحكومة في عنق الزجاجة ولا يزال محشوراً في قلب هذا العنق يعاني ويلاته، أرهاصاته، المصالح والأنانيات، التسييس بكل وجوهه، العوامل الإقليمية والعالمية والداخلية، وكأن لبنان اخْتُصِرَ على مدى عشرة شهور منذ تكليف الرئيس تمام سلام ، وازدحمت وبالذات في هذه الأيام لا بل اللحظات كلّ الطموحات وخاصة تلك التي وازنت ما بين كرامة المسيحيّين والتمسّك بوزارة الطاقة بالذات!! وهنا تتوقّف كلّ آفاق المنطق، وللمرة الولى في تاريخ الجمهورية اللبنانية نجد وزيراً يحدّد وزارةً بذاتها كعنوان لكرامة طائفة!! مما يقلب كلّ ما جاء في إتفاقية الطائف رأساً على عقب ويدمّر أسس الدستور اللبناني… فمجلس الوزراء ليس لجنة ممثلي الطوائف فالوزير هو وزير لكل الوطن والمواطنين وهو خادم للمواطنين والوزراء كلهم خدّام لمواطنيهم ورواتبهم تأتي من خلال الضرائب التي ينزفها المواطن مغمسة” بعرق تعبه وشقائه!! والأخطر من كل ذلك فقدان الثقة الكامل من الشعب بحاكميه… ويكفي ومن باب الدلالة فقط وليس حصرا” ومن خلال خبرتي في مجال البيئة واستعراضا” بسيطا” لملف البيئة يتراءى لنا مدى التسيّب والفلتان وانعدام تطبيق القوانين والمسؤولية هنا جماعية وليست من مسؤولية الوزارة المعنية بحد ذاتها لأن مقياس التشابك في المسؤوليات يضيع الفاعل والمُفْسِد الحقيقي… وانطلاقا” من مثَلًيْن يجعلانا نفكّر مائة مرة قبل الغوص في موضوع النفط…

المثل الأول: من أصل 1283 كسارة ومرملة وفي كتاب التنظيم المدني لمؤلفه المهندس محمد فواز الذي كان مديراً عاماً للتنظيم المدني طيلة 18 عاماً: ليس هناك كسارة واحدة أو مرملة واحدة طبقت القانون!!! والمحاسبة مفقودة!!

والمثل الثاني: من أصل 1300 شركة تعبئة مياه تبيع يوميا” الماء الممزوج بكل السموم، 33 شركة فقط مرخّص لها وتطبق الشروط الضرورية. أما الباقي لا قانون يطبق ولا محاسبة تحمي!

والخلاصة الحسية: القوانين موجودة والتطبيق مفقود… اما اذا جئنا إلى بيت القصيد والوزارات المعنية… فهنا الطامة الكبرى… في الاتصالات مطلق اي إنسان في مطلق أي منطقة يعاني وبالملموس كيف ان الأجهزة الخليوية تراجعت كثيرا” وبالبعد الخدماتي وكل مخابرة تنقلب إلى تقطيع وعدة مخابرات وسعر المخابرة اللبناني يأتي في رأس قائمة الغلاء العالمية… ومن سخافة الأقدار أنه في مجال خدمات الانترنت وفي إحصائية أخيرة عالمية نحن جئنا قبل الأخير بين مايتا وخمس دول…!

أما في مجال الكهرباء والطاقة مجرد ذكر كلمة كهرباء يتكهرب الشعب اللبناني بأكمله هزءاً وأسفاً وتعتيراً على وضع أصبح فيه الوطن جثة هامدة والتقنين لا يزال سيد الموقف ووعود ال 24 على 24 ماشية على التلفزيونات فقط وبكل وقاحة وكأنهم يستغبون شعبا” بأكمله!!

السؤال الكبير وزارة الطاقة والنفط فيها هذه الدهاليز المرعبة والمخفيات المرعبة!! وهناك هجوم لافت من الشركات الأجنبية وهناك موضوع مغرٍ بشكل كبير!! والنفط معرّض للبيع في أرضه!! على الطريقة اللبنانية المستعملة والمبسّطة مع هذا الفساد! وانا لا أبسّط الأمور وأسطّحها… فالحكومة التي لا تطبّق القانون في الأمور البيئية الآنفة الذكر وفي مختلف الأمور الأخرى كيف بها أن تطبّقها في وزارة مغرية مدهنة مثل وزارة النفط !! وأصبح عندي شك كبير كمواطن عادي أمام هذا التمسك بهذه الوزارة إلى هذا الحد!! ولن ازيد فالوزارات مفرّغة وتصفر فيها الريح ويهجمون على وزارة مدهنة وهجموا بشراسة رهيبة على فريستهم!! نعم أتركوا ثروة الأجيال الحالية والقادمة إلى زمن أنظف ويملك من الشفافية الكثير !! يا أخي اتركوها إلى وزارة تأتي على أثر انتخابات نيابية جديدة تأتي بوجوه تحمل ثقة المواطن اذا أراد هذا المواطن أن يغيّر جلده ويأتي بالنظافة التي تسلّط سيفها على حكومة أعضاؤها ليسوا نوابا” ويستطيعون الامساك بملف النفط ويتصرّفون في هذه الثروة من أجل الأجيال القادمة !!

مثل صغير: من يسرق مرة واحدة يصبح لصّاً إلى الأبد! أبداً لن نثق باللصوص!! فَلْيُؤَجَّلْ هذا الملفّ إلى زمنٍ أَنْظَفْ!