وليد جنبلاط في موقفه الاسبوعي لـ “الأنباء”: بالإمكان البناء على تجربة تونس

أدلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الالكترونيّة جاء فيه:

ها هي تونس، مهد الثورات العربيّة الحديثة، تقدّم مثالاً جديداً على أن الشعوب العربيّة بإستطاعتها إحداث التغيير والانتقال التدريجي نحو الديمقراطيّة والعمل المؤسساتي. فإقرار الدستور التونسي الجديد جاء ليدحض مقولات التشكيك التي رافقت التطورات الكبيرة في أكثر من بلد عربي وليؤكد أن توفر الارادة السياسيّة ممكن أن يؤدي إلى تنظيم العمليّة الانتقاليّة حتى لو رافق ذلك خسائر وأثمان باهظة.

لقد أعاد الدستور التونسي الجديد الاعتبار للأب المؤسس لتونس المعاصرة الرئيس الراحل الحبيب بو رقيبة الذي نادى بالحداثة وسعى لتطبيقها مطبقاً العديد من التشريعات التي هدفت إلى تطوير المجتمع التونسي، كما رفع شعار “خذ وطالب” فيما يخص الصراع العربي- الاسرائيلي الذي ربما لو طبّق لكان الوضع اليوم مختلفاً في فلسطين المحتلة.

إن نجاح تونس في إقرار الدستور الجديد هي خطوة في غاية الأهميّة لا سيّما أن مواده منعت التكفير وأكدت “التمسك بتعاليم الاسلام ومقاصده المتسمة بالتفتح والاعتدال”. وإذ حسمت المواد الدستوريّة هوية الدولة بأنها مدنيّة، فإنها أشارت في الوقت ذاته على أن “الدولة راعية للدين”، وأنها “كافلة لحرية الضمير والمعتقد”.

من هنا، فإنه بات بالامكان البناء على نجاح التجربة التونسيّة، رغم الاقرار بالفروقات والخصوصيّات السياسيّة والاجتماعيّة التي تميّز كل بلدٍ عن الآخر، للتأكيد على أن التغيير ممكن، وتنظيم التغيير أيضاً ممكن لا سيّما إذا بُني على تفهم وتفاهم وإبتعد عن سياسات الاقصاء والتهميش وممارسة العنف الذي لا يولد إلا العنف المقابل ويمهد للدخول في بحور من الدماء التي يقدمها مجاناً المدنيين والأبرياء الذين لا ذنب لهم.

في مجال آخر، نثمّن الموقف العقلاني الذي أطلقته في ندائها السيّدة رباب الصدر، شقيقة الامام المغيّب السيّد موسى الصدر وقد عبّرت فيه عن موقف مسؤول مذكرة بكلماتٍ مفصلية للامام أطلقها في العام 1976 متوجهاً إلى العقل اللبناني الذي ما لم يتحرّك قبل فوات الأوان، فإن لبنان سيغرق أكثر فأكثر في دوامة الفوضى التي تمثلها تلك التفجيرات الارهابيّة المتنقلة من منطقة إلى أخرى والتي لا تميّز بين دين أو مذهب. وكما قالت السيّدة الصدر: “الدم واحد والجرح واحد والخنجر واحد”.