وليد جنبلاط: مصير الوطن والموقف العقلاني

محمود الاحمدية

“السياسي الناجح هو الذي يعرف متى يختفي، ومتى يظهر، ومتى يتكلم، ومتى يسكت، ومتى يحارب، ومتى يهادن”

في هذه الأيام المصيرية الصعبة التي يمر فيها الوطن، حيث يهبط مستوى السياسة والسياسيين إلى أسفل الدرجات، وحيث تتقدم الغاية على العقل، وحيث يتقاذف فريقان الكرة الملتهبة في ملعب السياسة اليومية، وحيث تتحطم صورة المواطن ومصلحة المواطن ومعيشة المواطن والأساسيات الضرورية لكرامة المواطن من ماء وكهرباء ونقليات وصحة وطبابة، نشاهد بأم العين توكشوات سياسية تتبرأ من المشاركين فيها فورا” عندما ترى احدهم يستعمل رشاشا” من قذائف الكلام الرديء التحت زنّاري، وآخر تجلجل ضحكته في كل أرجاء الستوديو خفة” وهضامة” وآخر يستعمل كباية الماء كسلاح ضد محاوره لسبب بسيط أنه لم يستطع مجاراته مناقشة وحوارا” وعقلانية… في وقت تراجعت كل أنواع الخدمات والصناعات والزراعة والبيئة، والأهم الأخلاق، حيث تتسابق الفضائيات وعبر مسلسلات محلية أو اقليمية حيث الحرام يصبح حلالا”، والخيانة وجهة نظر، والتطبيع لكل الخطوط الحمر… في طل هذه الوضاع التي تتطلب العقلانية في المواقف أولا”، وحمل لواء الحوار ثانيا”، والايمان بأن الشرخ العامودي السياسي بين 8 و 14 لابدّ من إيجاد مساحة مشتركة بين اللغتين والنظرتين والسياستين ،واذا استعرضنا هذا الواقع المريض نجد الأستاذ وليد جنبلاط كنقطة البيكار التي تتمحور حولها كل التناقضات، نجده الوحيد الذي يقف على أرض صلبة يعمّدها الإيمان بالوطن وبوحدة الوطن وبعقلنة المواضيع ،وتقديم الأهم على المهم، نظرة بسيطة الى الماضي البعيد والقريب، من تاريخ خروج الجيش السوري من لبنان وبعد أن أكد هذا الجبل حقيقة دامغة هي بعده العربي النضالي التاريخي والذي لم يتغير منذ كمال جنبلاط إلى وليد جنبلاط، والذي لا تستطيع التفريق بين وجهيه العروبي واللبناني فالاثنان يتغذيان من نفس النبع الضارب في التاريخ وهذه حقيقة ساطعة بعيدة عن العاطفة وحزبه التقدمي الاشتراكي كان بقيادته دائما” وابدا” في قلب الخندق العروبي المتسامح المتنوّر الفاهم لماضيه وحاضره ومستقبله، لذلك ترى هذه المدرسة السياسية لم تعرف يوما التطرف بل على العكس وخاصة هذه الأيام نجد أن اللحمة والاتصالات والانفتاح على الجميع هي السمة الأساسية لسياسة وليد جنبلاط ، يقولون انه ينتقل من خندق إلى آخر وفاتهم ان الجميع يتغيرون ويدورون حوله وهو الوحيد الثابت، وعندما انتقل من 14 آذار الى الوسطية كانت له حيثياته والأسمى بينها الحفاظ على الوطن ومن الخطأ تقزيم الأمور كما يحاول البعض ويصف موقفه حماية لطائفته ويكفي للدلالة وبإنصاف وعقلانية طرح السؤال الثاني: تخيلوا وليد جنبلاط وحزبه في 14 آذار والشرخ العامودي الموجود ! فهل هناك بديل إلا حرب أهلية لا تبقي أخضرا” ولا يابسا”وتدمر كلّ ما تمّ بناؤه بعد حرب ال 75 …

وأخر هذه المواقف تأليف الحكومة الحالية ودور الحزب ودوره في فتح مروحة من الاتصالات بالجميع على قاعدة لايمكن بناء هذا الوطن وتخليصه من المستنقع إلا بحكومة طوارئية جامعة تقود الوطن إلى شاطىء الأمان!! مع احترامي الكامل لوجهة نظر الآخرين!! ولكن عندما نسألهم ما هو البديل؟؟ الحقيقة الساطعة بدون لبس: ليس هناك من بديل وبالرغم من وجود حزب الله في سوريا!! ما هو البديل؟؟ اذا بقي على موقفه في القتال في سوريا؟ هذا هو السؤال المصيري؟؟ وموقف الشيخ سعد الحريري الأخير بمدّ اليد إلى الخصوم والفصل بين المحكمة الدولية وقيادة الوطن برفقة شركاء الوطن، هو موقف تاريخي، موقف يذكّرنا برجالات الدولة الكبار العائدين الى مساحات الوطن الواسعة ومن أوسع الأبواب!! وهنا يلتقي الأستاذ وليد جنبلاط بالشيخ سعد الحريري وفخامة الرئيس والأستاذ نبيه بري مما يشكل قاعدة حقيقية من أجل تشكيل رافعة تنقذ الوطن…

سؤال أخير بعيدا” عن المزايدة والعاطفة: تخيلوا لو أن كل الزعماء السياسيين اللبنانيين تصرّفوا كما تصرّف وليد جنبلاط ، كيف تتصوّرون وضع الوطن، أنا أكيد أننا كنا وصلنا إلى ضفة أخرى والأكثر من ذلك وأكيد حتى حزب الله كان في جهة أخرى ولما رأيناه في سوريا!! ولكان الوطن في موقع آخر.

هي وجهة نظر أتمنى على القارىء الكريم التفكير فيها بشيء من الإنصاف ونكران الذات…

ويبقى القول: ان مواقف وليد جنبلاط تجسد صمام أمان لبقاء الوطن!!

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة