زياد الرحباني والنهاية الدراماتيكية

محمود الاحمدية

يقول بيتهوفن: “طبيعة الفنانين صفاء وتسامح وانفتاح”

بتاريخ 6 / 1 / 2014 الساعة التاسعة والربع مساء وعلى احدى الفضائيات اللبنانية وضمن برنامج بلا حصانة وبإدارة الصحافي جان عزيز، تفاجأنا بضيفين بدل ضيف واحد! الفنان زياد الرحباني والصحافي ابراهيم الأمين…!

والمفاجأة القنبلة في الشكل والمضمون كان زياد الرحباني… تاريخيا” عشنا عمرنا ونحن نغتني ونتشبّع بهذا الفنان الرائع الذي كانت مسرحياته وألحانه وقفشاته وتعليقاته وكأنها “بارومتر” الطقس السياسي، هو زياد ابن تلك الرائعة فيروز !كان حميما” الى قلوب الجميع ومجرد ذكر اسمه كان يترافق بصفتين على شفاه الجميع: الصراحة والشفافية مما يخلق فنا” ملتزما” اغنى كثيرا” مدرسة الرحابنة العظام واستطاع ان يجاريهم رقيا” وابداعا”… حتى أتى المفصل الجديد وكأنه انقلاب شخصي على الذات والعالم لا تصدق ما تراه وتسمعه وتقرأه !! اقلها في زاويته في جريدة الأخبار حيث يطلق على شخصيات 14 آذار أسماء يندى لها الجبين والمأساة انه فنان وكلهم يحبونه ويقدرونه تاريخيا” ! مثلا” السيدة نائله معوض: كونداليسا معوض ! النائب ستريدا جعجع : ستريدا دي ميلانو! الأستاذ كارلوس اده: كارلوس راميريز إده !! أما في حديثه على الفضائية قمة الوقاحة كانت عندما قال: يا أخي وليد جنبلاط ما بيقدر ياخذ قرار بتحويل مأتم رفيق الحريري إلى مهرجان ويتجاوز القصر الجمهوري إلا بإشارة خارجية ! يا عيب الشوم يا زياد ! وللتاريخ وليس من باب المحاباة موقف لوليد جنبلاط لن أنساه وعلى إحدى الفضائيات ومنذ خمسة عشر عاما” وكان الضيف من كبار الشخصيات السياسية اللبنانية ، كان يهاجم زياد الرحباني فإذا بوليد جنبلاط يتصل بمبادرة شخصية وعلى الهواء يقول له حرفياً: “غبرة صباط زياد بتشرف كثير من السياسيين” هذاهو وليد جنبلاط يا زياد وقبل أن يعملوا لك غسيل دماغ والمأساة انه كلما حاول زياد أن يتكلم كان ينظر إلى ابراهيم وكأنه يريد رضاه وقبوله! زياد الماضي… زياد الذي كان أسطورة في الشموخ والعنفوان ورمزاً للشباب المناضل وابن الحزب الذي شئنا أم أبينا صنع أدمغة على مستوى الوطن كله، حزبه الشيوعي الضارب في عمق التاريخ بالرغم من كل المصائب… في المقابلة التي جرت، هنا سيد مهاب قاطب الجبين من ناحية وهناك شخص تحوّل إلى ورقة صفراء في مهب الريح من ناحية ثانية ! وإلا ما هو موقع ابراهيم حتى يحضر هكذا أمسية كان يجب أن ترتقي بالفن العربي وليس اللبناني فقط فتفاجأنا بشتّام يسخّر الماضي العتيق الجميل الرائع إلى منصة لإطلاق التهم والمصائب ومهاجمة حتى الأموات… قمة عدم اللياقة عندما هاجم ابراهيم الأمين المعلم الشهيد كمال جنبلاط قائلاً: اتحدى أي شخصية من 14 آذار أن تراجع الماضي وتقول لكمال جنبلاط قراراتك في الحركة الوطنية كانت خاطئة !! يا صاحبي كمال جنبلاط المصنف كأحد أهم عشرين شخصية ثورية في تاريخ هذا العالم، كمال جنبلاط مع فؤاد شهاب أسسا للبنان المؤسسات، كمال جنبلاط القائل: “فلا يقدّر الإنسان في النهاية إلا على ما فيه من تواضع وحشمة تمازجها وتبطنها الصلابة والمحبة والقوة ” كمال جنبلاط القائل: “كل شيء ستضربه فأس التغيير… ويجب أن لا نخاف من التغيير لأنه قابلة العصر الجديد” كمال جنبلاط البيئي الأول على مستوى نصف الكرة الأرضية منذ عام 1966.. كمال جنبلاط القائل: صححوا تاريخ لبنان المزور: لبنان إمارة عربية مستقلة قامت على هذا الشاطىء منذ اثني عشر جيلاً ” … كمال جنبلاط اكبر من ان يطاله صبية يعملون على أبواب المخابرات… رب قائل وخاصة من الأقربين والمحبين: يا أخي ما بيحرز الرد! أقول بسرعة البرق: الساكت عن الجريمة شيطان أخرس!! ويقول زياد بعد ان ينظر إلى ابراهيم استعطافاً: “يا أخي انا جنيت على فيروز ليس زعلاً منها بل من خلال ردود الفعل التي سمعتها والتي طالت جزءا” كبيرا” من الشعب اللبناني” كذا!!! أما حديثه مع ابراهيم عن بول شاوول فحدث بلا حرج واقلّه اتهامه بأنه الصبي المدلل للسعودية ويتباكى زياد: أين بول شاوول بجانب غابي لطيف على رأس المظاهرات الطلابية ؟ وهنا يتدخل ابراهيم: يا اخي السعوديه مسؤولة عن نصف القتلى الذين سقطوا في سوريا !! عبر منظماتها التكفيرية من داعش إلى النصرة إلى الجيش الحر هودي هني الي قتلوا الشعب السوري ويتطلع ابراهيم إلى جان عزيز المحاور قائلا له: لولا حزب الله أنت الآن لست هنا وبرنامجك لن يكون موجوداً ؟! وبلعها جان مصاباً بعقدة الدونية المهنية التي تتناقض أفقيا” وعاموديا” مع التاريخ المتنور القائد الرائع لدور الموارنه على صعيد العالم العربي كله… ويردف ابراهيم: يا أخي اخلاق الثورة أبشع من أخلاق النظام ! يا أخي شفت شي مرة ثورة بتكون أبشع من النظام اللي ثايرة عليه؟؟ ويا عيني على نظرية البوليس الدولي اللي اقترحها بالماضي ريمون اده! والحقيقة ان زياد وبعد ان استجمع كل قواه قال: في الأول كنت عم بتفرج على ما يجري في سوريا صحيح كان فيه دكتاتوريه شديدة في حكم الناس وممسكة بالأمن والعالم أكثر من اللزوم ولكن دخلك يقول لجان: مبارح في اميركا رشوا عشرة قتل واحد منهم… مين حقق معهم… تمويه وإبداع في التمويه هيدي هي الديمقراطية؟؟ يا أخي برهان غليون ما بيعجبني وبس!! هلق فيه نظام فيه ظواهر استبداد واضحة منهم من يريد شيل النظام ومنهم من يريد التغيير… وهون كيف فيي كون على الحياد… أنا فنان ملتزم وهنا يتوسع إبراهيم في خياله ويقول: حزب الله لم يتدحل مرة معي أو مع زياد فقال له المذيع طيب مبارح الأسعد حاول يعمل مظاهرة شو صار فيه ؟؟ فبلع الجميع ألسنتهم وحوّروا توجه الحديث بسرعة عجيبة…

لن أطيل … عشرات الصفحات لا تكفي هذه السهرة ( الكابوسية ) بامتياز والتي قضى فيها زياد على البقية الباقية من تاريخه الناصع… أخيرا” مثل جميل للفيلسوف إدغار يقول فيه:

“يعنى العقل بالحقيقة، وتهتم الأخلاق بالواجب، أما الذوق فإنه يوصلنا إلى الفن والجمال”… في سهرة ( بلا حصانة ) بإختصار شديد :
لا عقل، لا اخلاق، لا واجب ولا ذوق ولافن ولا جمال.

وفي النهاية أقول:

“عندما نقول لبنان نفكر مباشرة بالأرز وبفيروز، ستبقى الأرزة شامخة وممنوع عليها أن تدمع وفيروز ستبقى “بحبك يا لبنان” وسفيرتنا إلى كل الكواكب، شاء من شاء وابى من ابى .

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة