المنجمون يجب أن يكون مصيرهم السجن

محمود الاحمدية

جاء في سورة (النحل: 116): “ولا تقولوا لما تصفوا ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون “

وجاء في سورة (الشعراء 221) “هل أنّئكم على من تنزّل الشياطين. تنزّل على كلّ أفّاك أثيم”

بتاريخ 2 /1/ 2014 في ثاني أيام هذا العام الجديد، قمت بجولة، من باب رؤية الأمور على أرض الواقع، في شوارع الحمراء وفردان وأسمي الأشياء بأسمائها، فإذا بها قاعا” صفصافا”، فارغة من البشر، وتصفر فيها الريح، والتجار نيام، لا حركة، لا صوت للناس، ومن باب الحشرية دخلت أحد المحلات لشخص صديق في شارع الحمراء، قبل أن أسأله قال: “شايف ما لله حاله وما لله مصيبة”، وكيف بدنا نكمل ونصمد ” والكلام له أيضا” وبالعربي الدارج: “يا عمي مبارح كوكبه من المنجميّن احتلت الشاشات والفضائيات والاذاعات وتابعتها الناس بكل أسف بشغف وبعد كل توقعاتهم صار الإنسان بيخاف يطلع من بيتو “… انتهى كلام الصديق وهو يرسم كل القاعدين على كراسيهم…

الحقيقة وبالمطلق وعندما إحدى المنجمات والتي جمعت عددا” كبيرا” من اللبنانيين تتوقع لعام 2014 حوالي ماية توقّع وعلى الأقل ستين توقعا” إذا ما تحقق احدهم يعني الكارثة أكثر مما هو الواقع الكارثي أصلا”!! والأنكى ان المنجمة التي تصلك كلماتها وتنظر الناس الى مخارج كلماتها وتوقعاتها، تقول بالحرف الواحد: أحدهم سيموت وتسمي بالإسم!! والتوقع الأخطر هناط تفجيرات ستحدث بجانب المدارس!!! بربكم هل هناك عاقل يصدق ! اما أغلبية الشعب المقهور التي ترى في هذه التوقعات متنفسا” لها فتنام على فراش من الشوك والكوابيس من خلال ما قال المنجمون!!!

والسؤال الخطير الذي يطرح نفسه: طالما المنجمون واثقون إلى هذا الحدّ مما يتوقعونه لماذا لا يقومون بحركة إستباقية ويقدمون ما يقوله لهم الجان والشياطين للمخابرات اللبنانية المختصة درءاً للأخطار والمصائب!! وهنا يقع الشك الكبير بدورهم التدميري والتشكيكي بقدرة البلد على الوقوف سالماً معافى قادراً على أن يبقى سيداً وحراً ومستقلا”!! لأن الوقاحة في التوقعات عند أحدهم تصل إلى حد القول: سيدخل الجيش السوري طرابلس؟! هكذا توقّع يجعل الناس تحسب ألف حساب، وطرابلس عاشت على فوهة بركان ولا زالت تعيش على ذكرى التفجيرات التي ذهب فيها الكثيرون من الضحايا… فكيف عرف لا فضّ فوه بهذا الدخول السوري من جديد إلى طرابلس؟؟

بالأمس القريب فقدنا رجل فكر وحوار وانفتاح على الآخر… فقدنا السياسي المبدع الدكتور محمد شطح والخسارة ليست للبنان فقط بل للفكر الحر والعقل المبدئي والعلم العقلاني وكان رحيله مصدر ألم ووجع دخل مسام الجسد في قلب كل لبناني وكل من عرفه شعر بهذا الوجع وهذا الرحيل… فإذا بمنجّم يبشرنا بقرب انفجار يدمّر شخصية أخرى!! والله نقطة دم تغلي كرامة وإنسانية يا عالم!! أو أن الدم أصبح عند البعض ماء، وخاصة عند أغلبية المنجمين…

ومما يزيد الطين بلّة” أن انفجاراً ثانياً هزّ الضاحية الجنزبية واسقط العديد من الشهداء وهم كلهم أبناء وطن واحد… مما يجعل الناس تعتقد بشكل شبه مؤكد بما يقوله هؤلاء المنجمون وهم حسب القرآن الكريم: كذب المنجمون ولو صدقوا!!

خلاصتها، ظهور المنجمين الدائم وفي كل المناسبات جريمة ثلاثية الابعاد: جريمة بحق الاقتصاد الوطني، جريمة بحق الناس، وجريمة بحق الوطن ككل… وهذه الجريمة الكبرى باعتقادي وفي دولة تحترم نفسها،مصيروا هؤلاء المنجّمين فقط وفقط السجن، فهل هناك من يسمع فيرتدع وعلى كل المستويات…

وأخيرا” كم كان أبوتمام على حق عندما قال:

أين الرواية بل أين النجوم وما
                     صاغوه من زخرف فيها ومن كذب
تخرّصا” وأحاديثا” ملفّقة”
                    ليست بنبع إذا عدّت ولا غرب

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة