من على شرفة بيتنا يسرح النظر في الأفق البعيد حيث الهضاب الخضر تسقط بشكل ابداعي نحو البحر، وبيروت تتلألأ بمهرجان من الألوان ، وأصوات الموسيقى تتهادى من البعيد وتحمل تنوعا” جميلا” لنغمات مختلفة ..

في هذه اللحظة لا أستطيع تقييم الذي طرأ على خاطري فكرة أن هذه الأمة المترامية الأطراف من المحيط إلى الخليج وصولا” إلى بيروت الجميلة بحاجة ماسة إلى ” بابا نوال ” جديد وهدايا من نوع آخر… الكتب نعم الكتب.. بابا نويل يحمل إلى كل بلد عربي هدية عيد الميلاد.. نريد منه أن ينتهز فرصة نومنا العميق ويترك هدية على باب كل واحد منا..

نريد من بابا نويل أن يعطي كل واحد منا كتابا” في ” أدب الحوار ” نتعلّم منه كيف نتناقش وكيف نختلف وكيف نتفق ! وكيف تكون حدود حريتنا حرية الآخرين ! ونتمنى أن يكون عنوان هذا الكتاب ” السّبّ والشتم في فلسفة الحكم “.

نريد من بابا نويل أن يهدي لكل واحد منا كتابا” في التاريخ يتحدث عن قصة أمجاد الأندلس الضائعة وكيف انقسم ملوك الطوائف وتحاربوا وتحطمت جامعات كانت حلما” للشباب الأوروبي الغاطس في ظلمات الجهل، فسقطت أعظم دولة من دول العرب واضمحلت مدنية من أعظم مدنيات العالم ونرجو أن يكون عنوان هذا الكتاب ” بلوغ الأرب في القضاء على العرب “.

نريد من بابا نوال أن يقدم لكل واحد منا خريطة لفلسطين كيف كانت .. ومتى ضاع نصفها الأول ومتى ضاع نصفها الآخر ثم يعلّم بعلامات واضحة على الاجزاء التي استرددناها من فلسطين منذ ستين سنة حتى الآن، ومع الكتاب ملحق عن كل تصريحاتنا وعنترياتنا ووعودنا لشعوبنا طوال هذه السنين ونتمنى أن يكون عنوان هذا الكتاب “تحقيق الأحلام بحرب الكلام “.

نريد من بابا نويل أن يهدي كل واحد منا ، وخاصة اللبنانيين، كتاباً عن لبنان الذي كان جنّة العرب وجامعة العرب ومستشفى العرب ومتنفّس العرب وكيف أصبح جحيما” عمدته الحروب خسر فيها جماله وثروته وحريته، كتاب يتحدث عن مئات ألوف الأطفال الذين تيتموا وعشرات الألوف الذين أصيبوا بعاهات وبجيل كامل هاجر وبأدمغة صنعت المجد في الخارج وفي القلب حسرة وفي العين دمعة ومايزال الفيلم مستمراً والحرية تنزف .. ونتمنى أن يكون عنوان هذا الكتاب ” كيف تنتحر الأوطان على أيدي أبنائها “..

نريد من بابا نويل أن يقدم لكل فقراء بني يعرب من الماء الى الماء كتاباً لأبو ذر الغفاري والذي جاء في إحدى صفحاته : ” عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه “

نريد من بابا نويل أن يهدي التورات العربية كتاباً بعنوان : ” مصير الأحرار والثوار ربيع الإنتصار “

ونريد من بابا نويل آخيراًدمعة على تلك الأم السورية التي ضمت وليدها ذات الثلاثة شهور في صقيع ثلوج لبنان ، وآفاقت صباحاً وكانت المفاجأة الصاعقة بحجم الأمة كلّها : الطفل مات برداً !!

أخيراً نتمنى على بابا نويل أن يهدينا ” مجلدا ” يحدد فيه ثروة العرب وسكانهم وجيوشهم وعواصمهم ويقارن بين كل ذلك وبين ما تملكه إسرائيل ويتساءل كيف استطاعت هذه الدولة الغاصبة أن تهزم مئات الملايين.

ولن أزيد، أفقت من حلمي وأنا على شرفة منزلنا على أزيز الرصاص وهدير البشر، ما الخبر كان الجواب: الزعيم الفلاني ظهر على التلفزيون الفلاني!