الأسلحة الكيمائية السورية: أين المصير؟؟

محمود الاحمدية

بتاريخ 21 آب 2013 إستخدم النظام السوري غاز الأعصاب في هجوم كيميائي على غوطة دمشق طال مدن زملكا وكفر بطنا والمعضمية وجوبر وعربين وسقبا وحمورية وحرستا وعين ترما، ممّا أدى الى إصابة ما لا يقل عن 1300 من المدنيين بينهم نساء وأطفال وأكثر من 6000 مصاب حسب إحصاءات المستشفيات والنقاط الطبية في المنطقة وقبل ذلك في تموز 2013 تمّ إلقاء السلاح الكيميائي من غاز السارين على منطقة الغوطة في دمشق في حادثة أدّت الى مقتل ما لا يقل عن 1500 شخص وإصابة الآلاف في حادثة أسهمت في إشعال الرأي العام العالمي والتهديدات الأميركية بقصف سوريا… وحبس العالم أنفاسه وكثرت التكهنات وكانت حرب عض الأصابع وكانت المفاجأة القنبلة الرضوخ بتسليم الأسلحة الكيميائية بدون شروط وسط ذهول العالم أجمع… وصولاً الى الخبر الأخطر الذي كان السبب الرئيسي في كتابة مقالتي وهو البعد البيئي والصحي وآثاره عندما أعلن بأنّ المخزون الكيميائي السوري سيتم دفنه في البحر قبالة الشواطىء السورية؟ بإشراف دولي…

ولمعرفة الخطر الناجم عن ذلك علينا التعرف على ماهية الأسلحة الكيميائية، تاريخها وتاريخ إستخدامها وأنواعها …

تستخدم الأسلحة الكيميائية لتدمير أو تحجيم أو الحد من نشاط مجموعة بشرية معينة لتحقيق أهداف مختلفة، حيث أنّها تؤثر غالباً على الكائنات الحيّة فقط ما عدا الأسلحة النووية التي يكون تدميرها شاملاً ومتعدياً الحدود الجغرافية… وتمّ إستخدام هذه الأسلحة منذ أقدم الأزمنة حيث تمّ إستخدامها في حروب الهند الصينية ولكنها تطورت بشكل خطير في القرن العشرين حيث توسع مدى تأثيرها ويكفي للدلالة أنّه في الحرب العالمية الأولى إنتشر إستخدام الغازات السامة التي لجأت إليها كلّ الأطراف وقد أدى إستعمال هذه الأسلحة الى وقوع ما يتراوح بين 800000 ومليون إصابة في صفوف الجيوش الروسية والفرنسية والإنكليزية والإلمانية والأميركية إبان تلك الحرب… وبالرغم من تطور قدرات هذه الأسلحة الكيميائية فإنها لم تستخدم إبان الحرب العالمية الثانية… غير أن ّالولايات المتحدة إستخدمتها في حربها في فييتنام وخاصة في مجال تخريب المحاصيل الزراعية وتدمير الغابات…

ومن أهم الدول التي استخدمت هذه الأسلحة تاريخياً اليابان في حربها ضد منشوريا والصين عام 1931 حيث قامت بإلقاء البراغيث الحاملة للطاعون والكوليرا من الطائرات ومعها حبوب القمح التي تقبل عليها الفئران لنشر الأوبئة بكثافة مرعبة فحصدت الألوف من الجنود والمدنيين وسميت بالحرب الجرثومية…

وفي 16 آذار 1988 إستخدم الجيش العراقي غاز الأعصاب في الهجوم الكيماوي على مدينة حلبجة وقتل على آثرها آكثر من 5000 من المدنيين وإصابة عشرة ألاف آخرين أغلبهم نساء وأطفال ومات الآلاف من سكان المدينة نفسها في السنة التي تلت نتيجة المضاعفات الصحية والأمراض والعيوب الخلقية وكانت أشبه بالإبادة الجماعية بحق الأكراد العراقيين وآثارت إشمئزاز العالم أجمع…

ويمكن تقسيم هذه الأسلحة بالبعد التقني التصنيفي الى “عوامل كيميائية سامة” “وغازات قتال” “والمواد المبيدة للنبات” “والقنابل الحارقة” ووسائل إستخدامها تتراوح بين المدفعية والهاونات وقنابل الطائرات والصوريخ والرش من الجو والألغام والقنابل اليدوية…

وهي تحتوي على غاز الأعصاب والسموم الكيميائية وغاز الخردل السام وبعضها سريع المفعول مثل سيانيد الهيدروجين السام وتضم غازات الأعصاب السارين الذي لا رائحة له و (في.إكس) الكافورية الرائحة وهي تتلف الأعصاب وتمنع الإشارات العصبية للمخ وغاز الفوسجين يمنع التنفس ومنها ما يحدث تهيجاً في الأنف والعين وتحدث الثآليل بالجلد التي تمنع التنفس وتقضي على الأنسجة .

إتفاقية جنيف عام 1925 حرّمت إستعمالها ومؤتمر نزع السلاح عام 1932 كان واضحاً في تحريمها .

أخطر من وصفها هو السكريتر العام السابق للأمم المتحدة في مقدمة كتاب ” الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ” الصادر عن الأمم المتحدة عام 1962 ويقول حرفياً: ” كلّ الدول تقريباً بما فيها الدول النامية بإمكانها الحصول على هذه الأسلحة الكيميائية نظراً لسهولة تحضير بعضها بمصاريف زهيدة وسرعة فائقة في مختبراتها ومعاملها البسيطة.
وهذه الحقيقة تجعل مسألة السيطرة على هذه الأسلحة ومراقبتها شديدة الصعوبة.

بناء على كلّ ما جاء في مقالتي، السؤال الذي يطرح نفسه وبكثير من المسؤولية: في ظل الأوضاع الأمنية السائدة في لبنان والفلتان الغير مسبوق كيف لخبر مثل الذي سمعناه أن الدول التي تشرف على تجريد سوريا من أسلحتها الكيميائية ستدفن هذه الأسلحة في قاع البحر قبالة سوريا ، ما هو الضمان والعبرة في عدم تلويث الشاطىء اللبناني وأين هي الموانع الحقيقية لعدم السماح بتحقيق ذلك؟؟ بلد حدوده سائبة وشاطئه سائب ولا رقيب ولا حسيب، ما هو مصير هذه الأسلحة بكلّ ما تحمله من أخطار ؟؟ الأسلحة الكيميائية السورية الى أين؟؟

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة