بئس شعب يريد أ ن يبقى جمهوراً لا أن يصبح شعباً!!

محمود الاحمدية

عفواً، عفواً منك معلمي القائل هذا العنوان الرمز منذ خمسين عاماً ، ولا نزال نقبع في نفس الجورة ، في نفس الخندق ، حالة غنمية تقترب كثيراً من ” التّمسحة ” وعدم الاهتمام و” القات ” اللبناني يسكن الخلايا واخطر بما لا يقاس من القات اليمني ، قاربت صفيحة البنزين الاربعين الفاً والشعب نائم ، مئات الاطنان من اللحوم الفاسدة والشعب نائم ، غيّروا تواريخ الادوية وصلاحيتها والشعب نائم ، فوق الالف شركة تعبئة مياه غير شرعية وفقط ثلاثة وعشرون شرعية ولا نعرف ماذا نشرب ، والشعب نائم ، اصبحت الرّشوة خبزاً يومياً على عينك يا تاجر ، والشعب نائم ، خمسة وتسعون بالمئة من الحرائق وحسب قول مدير الدفاع المدني مفتعلة وجعلت الخضار يباساً أسوداً والشعب نائم ، ثمانية عشر الف مترً مكعباً من الرمول على أجمل شاطىء في الدنيا في صور حفروها وباعوها في حنايا الليل والشعب نائم ، تسعماية الف متر مكعب من المياه الملوثة تصب يوميا، في البحر الابيض المتوسط عبر تسعة وسبعين قسطلاً والشعب نائم ، برامج تحشيش تملأ الفضائيات وحوّلت المستحيل الى الممكن وحوّلت الحرام الى الحلال وحوّلت العائلات الى قنابل موقوتة يصطدم فيها جيل جديد باجيال آباء وامهات اصبحت بنظرهم قديمة ، والشعب نائم ، تحول كل حزب الى احزاب وكل اتحاد الى اتحادات حتى العائلات قسّموها جباباً وأفخاذاً وقرامي والشعب نائم ، أعراس أسطورية يأتي فيها الطعام على متن الطائرات من عواصم اوروبا وخاصة مدينة النور والعيون الحزينة وحزام الفقر يراقبون بذلّ وتعثير ويزيد اباطرة السرقة عتوّاً وعهراً وشنخرة ً والشعب نائم ، ينامون في الشتاء حيث العاصفة والزمهرير في الفراش المتواضع الدافىء اقتصاداً ” لقنينة المازوت ” المخصصة للضيوف والشعب نائم ، تسكر الأتوسترادات وتتوقف ارتال السيارات لساعات والشعب نائم ، وطن فيه ثلاثماية الف خادمة ولكل خادمة قصة ووراء كل قصة مأساة وانخلط السيريلانكي بالاثيوبي بالنيبالي بالبنغلاديشي بالفليبيني باللبناني وهات يا فضائح والشعب نائم ، وطن عجيب غريب يكفي استكشاف عشرة اماكن لبيع المواد الغذائية والخضار والفاكهة والمأكولات المبردة ، تتفاجأ بعشرة أسعار مختلفة وحارة كل مين إيدو إلو ، والشعب نائم ،حولوا خطوط التوتر العالي من مضرة ومسببة للسرطان الى غير مضرة ” بقدرة قادر ” والشعب نائم ، منطق العمالة للعدو الاسرائيلي اصبح فيه نظر ونسبية وهناك عميل ونصف عميل والشعب نائم ، مئات الشخصيات التاريخية التي شرقطت في سماء الوطن والعالم ابتداء من كمال جنبلاط وإنتهاء بكلّ الأسماء المبدعة التي شرّفت لبنان وتاريخ لبنان، وحتى هذه اللحظة يذكرهم العالم أجمع بستثناء وطنهم والشعب نائم !

فوق المليون نازح من الأخوة السوريين يملأون الأرض والسماء ولا من ينظم لهم وجودهم والشعب نائم ، في طرابلس يموت الضمير مئات المرات في النهار الواحد وجرى تدمير جامعين وظهرت كلّ الحقائق الدامغة عن الفاعل والمفتري والمجرم وأنصاف الحكام عاجزون عن إتخاذ قرار بحق إنسان يهدد الدولة علناً وعنوة وهم نيام والشعب نائم !
معلمي في عيد ميلادك نستذكر كلّ المعاني السامية الراقية ويعيدنا المشهد اللبناني الى أرض الواقع .
معلمي الناس في حيرة والأرز يدمع !

بالأمس وفي منطقة الجديدة عند وصولي الى منزل صديق لي لفت نظري احدهم وعند الاشارة الحمراء يفترش الارض ويصرخ ” لله يا محسنين ” وكانت السيارات تمرّ والوجوه صفراء والابتسامات تدلّ على نوع من ” الشيزوفرينيا ” في عصفورية كبرى إسمها لبنان ، هذا المقعد مثله مثل كل اصحاب العاهات في هذا الوطن المعذب، هو المثال الحيّ على إنحدار الوطن كلّ الوطن ليلامس الارض وكلّه نائم !

 

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة