المعارض السوري توفيق دنيا في خاص للأنباء:

الطائفة العلوية أسيرة النظام الحاكم، وادعاءات بشار الأسد حماية الأقليات كذبة ساقطة

استضافت القاهرة في خطوة نوعية هي الأولى منذ انطلاق الثورة السورية، لقاء ضم عدد من أكثر من مئة شخصية من الشخصيات العلوية المعارضة للنظام، مؤتمراً حضره نحو أكثر من ثلاثين معارضاً سورياً من مختلف أطياف الثورة، تقدمهم الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري برهان غليون، وأطلقوا ما سموه، “إعلان القاهرة”، اعتبر فيه المجتمعون أن النظام السوري لم يكن يوماً في خدمة العلويين، وعبروا عن رفضهم لما اعتبروه “محاولة النظام خطف الطائفة ووضعها في مواجهة إخوانها من الشعب السوري”، كما طالبوا أبناء طائفتهم بالتمرد على الجيش وعدم حمل السلاح لقتال أبناء شعبهم.

وقالوا في البيان الختامي للمؤتمر الذي استغرق يومين، إن “النظام يكذب عندما يصوّر نفسه على أنه حامي الأقليات وخصوصاً الطائفة العلوية”، واعتبروا أنه “يريد من هذا الكذب تخويف السوريين من التشدد الإسلامي المحتمل”.

المعارض السوري توفيق دنيا من منظمي هذا اللقاء، وهو عضو الهيئة التنفيذية في المجلس الوطني السوري، أوضح في حديث خاص لـ”الانباء”عبر الهاتف، أن هذا الاجتماع الذي يعد الأول من نوعه جمع نحو 150 شخصية علوية من نشطاء وزعماء دينيين اضطر معظمهم للفرار من سوريا بسبب تأييدهم الانتفاضة.

دنيا رفض وسم المؤتمر بالصفة المذهبية العلوية، ورأى أن المؤتمر عقد تحت عنوان “كلنا سوريون معاً نحو وطن للجميع”، وقال “نحن لم نعقد مؤتمراً لشخصيات علوية فقط نحن عقدنا مؤتمراً وطنيا سورياً بامتياز، وكان فيه بروزاً واضحاً لشخصيات علوية”.

المؤتمر عقد على يومين، اليوم الأول اجتمعت فيه الشخصيات العلوية، وأعدت بياناً وهو البيان الذي ألقي من على منصة المؤتمر، وعرض في المؤتمر أيضاً وثيقة أخرى تقدمت بها بعض القوى، سميت “وثيقة إعلان القاهرة”، هاتين الوثيقتين قدمتا إلى اليوم الثاني للمؤتمر، والذي شاركت فيه شخصيات من كافة أطياف الشعب السوري، إن على الصعيد الحزبي أو السياسي العام، أو على المستوى ألمناطقي والطائفي.

البيان السياسي الذي خرج به المؤتمر، “إعلان القاهرة”، قدم برأي دنيا وجهة نظر متكاملة حول الدولة السورية المقبلة، ووجهة النظر تلك ليست وجهة نظر العلويين فقط، بل تمثل رأي جميع أطياف المعارضة التي تمثلت في المؤتمر بطيف عريض وواسع من رموزها الحقيقيين، حيت لم يجتمع معارضون سوريون بمثل هذا الحجم في مؤتمر سابق، ما جعل هذه الخطوة بمثابة انتصار جديد للمعارضة مجتمعة.

تضمن بنوداً أبرزها أن “النظام السوري لا هوية له أبداً إلا هوية الاستبداد والنهب والتدمير. وأما الدمج بين النظام الحالي والطائفة العلوية فهو خطأ سياسي وأخلاقي قاتل”، مطالباً بـ”الشجاعة التاريخية تقتضي منا اليوم القول لأهلنا وأقربائنا إن مستقبلهم وأمنهم يقوم بالوقوف مع الشعب السوري في ثورته وإننا نرفض رفضاً قاطعاً محاولة النظام اختطاف الطائفة ووضعها بمواجهة إخوانها من باقي مكونات الشعب السوري”.

وقال الإعلان إن “المطلوب ليس إسقاط النظام فحسب بل وتفكيك بنية النظام الشمولي الذي أقامها، وبناء دولة النظام والقانون”، وتابع أن “الجرائم التي ارتكبها النظام السوري وصمة عار ليس في جبينه فقط بل في جبين الإنسانية وتاريخها، وتحتم علينا كبشر أولاً وكسوريين ثانياً ألا نرضى بأقل من محاكمة تاريخية لجرائمهم التي هي من أفظع الجرائم التي عرفتها البشرية”.

وختم الإعلان أن “النظام السوري يكذب حين يقول إنه بجانب الأقليات وخاصة الطائفة العلوية وهي كذبة يريد منها تخويف السوريين من التشدد الإسلامي المحتمل على حد زعم النظام، وكذلك يريد إعطاء صورة خاطئة للعالم بأنه يحارب جماعات تكفيرية وإنه الضامن للحرب على الإرهاب”.

رداً على سؤال حول ما إذا سحب هذا المؤتمر الورقة العلوية من يد بشار الأسد، رأى دنيا أن الكثير من ادعاءات بشار الأسد بطُلَت ووقع حالياً في أزمة جديدة، وقال: “المؤتمر شكل إضافة حقيقية لكافة أطياف المعارضة السورية وكذلك سحب البساط من تحت أقدام النظام السوري”.وتابع قائلاً، “بشار الأسد لا يمثل إلاَّ نفسه هو وعصابته الحاكمة التي تساعده، وهذه العصابة ليست عصابة علوية، إنما تضم أيضا أطياف المجتمع السوري، هي عصابة النظام، وطائفة النظام ليست الطائفة العلوية”.وأوضح دنيا أن هناك وجهتي نظر لا بد من التمييز بينها، الأولى هي ما يسوق لها النظام ويعتبر نفسه حامي الأقليات، والثانية تقول، “أن الطائفة العلوية في سوريا ليست طائفة حاكمة، بل هي أسيرة لدى النظام الذي يحاول أن يستثمرها أو يستثمر باق الأقليات ليضعها بوجه المد الشعبي السوري كي يحمي نفسه”، وبالتالي فإن العلويين في سوريا يتأذون من هذا النظام كما يتأذى باقي أطياف الشعب السوري.

دنيا برر التباين في مواقف المعارضة بعد تسمية رئيس حكومة مؤقتة، ورأى أنه لا توجد معارضة في العالم تتفق جميع أطيافها في وجهات النظر، وقال: “الطلب من المعارضة السورية أن تتفق ضمن وجهة نظر واحدة كمن يقول شكلوا يا سوريين حزباً واحداً، هذا الشيء غير ممكن، الشيء المتفق عليه هو العمل على إزاحة كابوس هذا النظام من على رقاب الشعب السوري الذي يحمل ثقلاً وعبئاً منذ حوالي ثلاث وأربعين عاماً.
وقال “على عكس رأي الآخرين، نحن نرى أن في المعارضة السورية فيها قاسم مشتركة يجمع ما بينها، فنحن متفقون على إسقاط هذا النظام الشمولي بشتى الوسائل، ولم نختلف إطلاقاً على هذه المسألة”.

عضو الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني توفيق دنيا، وافق رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة معاذ الخطيب، في دعوة لتوسيع الائتلاف، أو تشكيل إطار جديد يجمع أطياف جديد من المعارضة، وقال، “نحن نتمنى أن يجتمع أكبر طيف من المعارضة في أي لقاء أو أي حالة سياسية تستطيع أن تشكل عبئاً على هذا النظام وتسارع إلى إسقاط هذا النظام الذي كبد الشعب السوري الخسائر الكبرى والمئات من الشهداء والضحايا من الجهتين لا نريدها أن تسقط”.

وأضاف دنيا قائلاً، “هذا النظام يرى أن سقوط تلك الضحايا تساهم في بقائه في السلطة، ويحاول أن يحمل بعض الأطراف أو الفئات من المجتمع السوري أعباء هذه الفاتورة، نحن لا نريد أن ندفع تلك الضريبة، ونحاول أن نجنب شعبنا أعباء تلك المقامرة”.

وفي سياق تعليقه على مقررات القمة العربية الـ24، قال دنيا، “أن الدول العربية أولى في تسليح الجيش الحر وفصائل الثورة السورية، متمنياً أن لا تحتاج المعارضة السورية دعم أي طرف دولي، فمثل هذه الخطوة لها حساسيتها لدى معظم السوريون، وبالتالي فإن شروع دول الجامعة العربية في تقديم الدعم العسكري للجيش الحر، يحقق الهدف الكبير للثورة ويسرع عملية إسقاط هذا النظام”.

وتمنى أن يتوجه الدعم من خلال الجامعة العربية الى الجيش الحر وأطراف المعارضة ذات الرؤية الوطنية الديمقراطية، ولا يتوجه هذا الدعم الى أطراف المعارضة ذات الرؤية التعصبية، التي يمكن أن تساهم في خدمة النظام من حيث لا تدري، كون ذلك يجعل من الاحتقان بين مكونات الشعب السوري كبير جداً.

واستبعد المعارض توفيق دنيا وقوع سوريا في أيدي المتعصبين مقللاً من خطورة جبهة النصرة، وقال “اعتقد أن جبهة النصرة ليست بالحجم الكبير الذي يقال عنه، وليس لها التأثير الواسع على الساحة السورية، جبهة النصرة هي مجموعات صغيرة لا وزن لها، وبعد سقوط النظام سيرى الجميع أنها ستنكفئ بحيث لا يوجد حاضنة طبيعية لها، فالشارع السوري المسلم متسامح بشكل عام ومتعايش على مدى آلاف السنين، إضافة إلى هذا فالإسلام في سوريا إسلام صوفي وليس إسلام جهادي تعصبي، وهؤلاء في النهاية هم من يقبلون التعايش بشكل عام”.

واستنكر دنيا الدعم الذي تقدمه إيران وروسيا لنظام بشار الأسد، معتبراً أنهما تخوضان في سوريا معركة مصالح، ولا يمهم الشأن السوري على الإطلاق، وبالتالي هما يشاركان النظام في جريمة قتل الشعب السوري، ودعا روسيا لأن تعيد النظر في رؤيتها، لأن مصالحها في المنطقة لا يمكن أن يضمنها لها نظام بشار الأسد ولا يجوز ربط مصالحهم به، فالروس أتوا إلى هذه المنطقة قبل وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1973، وكان مرحباً بهم على أساس أنهم يخلقون نوع من التوازن الاستراتيجي في المنطقة، وقال “نحن لسنا ضد الروس، نحن ضد دعم الروس لهذا النظام القاتل المجرم، الذي يذبح شعبه كل يوم بشتى أنواع السلاح”.

————————————————————–

*حاوره فوزي أبوذياب